للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يجوز أن يكون للملابَسة؛ أي: مُلْتبِسًا بكم، ولا للاستعانة؛ أي: تسلكونها وتتفرَّقُ بكم كما يتفرَّقُ الشيء بالسكِّين عند قطعه؛ لأن قوله تعالى: ﴿أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ﴾ [الشعراء: ٦٣] صريحٌ في أن انفصال البحر بعضِه عن بعضٍ وحصولَ المسالك كان بضربِ العصا قبل أخذِهم في السلوك، فإن في الفاء الفصيحة في قوله: ﴿فَانْفَلَقَ﴾ دلالةً على عدم تراخي الانفلاقِ عن الضرب).

وليس ذلك فحسب بل يرد على الروايات والقصص الواردة في تفسير بعض الآيات بآيات القرآن الأخرى:

ومن أجمل الأمثلة وأبينها على ردها بما في القرآن وعدم اعتداده بها: كلامه على ما في سورة يوسف من قوله تعالى: ﴿فَاسْتَعْصَمَ﴾، قال: وفي الفاء التعقيبية دلالةٌ على أنه ما صدر عن يوسفَ بين المراودة والاستعصام فعلٌ يفصله عنها، فمِن هنا تَبيَّن أن الواقع من جانبه مجردُ همٍّ غيرِ اختياريٍّ، فما زيدَ على ذلك وذكر في كتب التفاسير والقصص مردود بنصِّ الكتاب فافهم، والله الهادي إلى الصواب).

ومن ذلك ما ذكره من أن قوله تعالى في سورة الحجر: ﴿قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ﴾ [الحجر: ٥٢] يردُّ ما قيل: وإنما قالوا: ﴿لَا تَخَفْ﴾ لأنهم رأوا أثرَ الخوفِ والتغييرِ في وجهه، أو عرَفوه بتعريفِ اللهِ، أو علِموا لأنَّ علمَه بأنهم ملائكة موجبٌ للخوفِ؛ لأنهم كانوا لا ينزِلون إلا بعذابٍ، فقال: (فإن مبنى هذا الغفولُ عن أنه أفصَحَ عن خوفِه بأوضحِ عبارةٍ).

<<  <  ج:
ص:  >  >>