للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وثانيها: الوفد الذى حضر مع زياد وعدده خمسة عشر رجلا، قد استضافهم سعد بن عبادة، وأولئك بايعوا النبى صلى الله تعالى عليه وسلم على الإسلام، وأن ينشروه فى قومهم.

وثالثها: وفد الجماعة الذين جاؤا إلي النبي صلي الله تعالي عليه وسلم والتقوا به فى حجة الوداع، حيث يودع رسول الله أمته، وقد أودعها أمانته، وحملها رسالته.

ولقد صحب زياد بن الحارث الصدائى رسول الله صلي الله عليه وسلم فى بعض غدواته وروحاته، ورأي من الخوارق الحسية والمادية التى جرت على يديه ما زاده إيمانا.

ويروى أن الرسول صلي الله تعالي عليه وسلم سأل زيادا في سيره في الصحراء: أمعك ماء يا أخا صداء؟ قال معي شئ في إداوة، قال عليه الصلاة والسلام هاته. فجاء به. ويقول زياد: صببت ما في الإداوة. فجعل أصحابه يتلاحقون ثم وضع كفه علي الإناء، فرأيت بين كل أصبعين من أصابعه عينا تفور، ثم توضأ رسول الله صلى الله تعالي عليه وسلم، وأذن للصلاة، أذن لها زياد وأقامها؛ وأراد بلال أن يقيمها، فقال النبى صلي الله تعالي عليه وسلم: من أذن للصلاة يقيمها.

ولقد سأل زياد بن الحارث أن يوليه عليه الصلاة والسلام إمرة قومه فولاه، لأنه وجده كفئا لذلك إذ كان مطاعا في قومه، كما وصفه النبي صلي الله تعالي عليه وسلم، ولأنه كان داعية الإسلام فيهم فكان من الخير للإسلام ولهم أن يتولي هو ولايتهم، ولأنه لم يرد الولاية لذاتها، ليكون له سيطرة وسلطان، بل أراد الإمرة علي قومه لغاية رأى النبي صلى الله تعالي عليه وسلم تحققها، وذلك جائز، ولا يعارض قول النبي صلى الله تعالى عليه وسلم «وإنا لن نولي علي عملنا من أراده» ، لأن نص الحديث يمنع الولاية ممن أرادها للسلطان والسيطرة لا للعمل، وإقامة الحق.

ولكن زيادا لم يستبق الولاية، بل استقالها وأعطي النبي صلي الله تعالي عليه وسلم كتابي الإمارة، وولاية الصدقات.

وذلك لأن سائلا شكا إلي النبى صلي الله تعالي عليه وسلم أن واليه طغي عليهم، ويقول إن عاملنا أخذنا بذحول الجاهلية أو بثاراتها، ويفهم من القصة أنه عزله، وقال: لا خير في الإمارة لرجل مسلم. سأل رجل النبي صلي الله تعالي عليه وسلم أن يعطيه من الصدقة فقال عليه الصلاة والسلام «إن الله لم يكلها إلي ملك مقرب، ولا لنبي مرسل حتي جزأها ثمانية أجزاء، فإن كنت جزآ منها أعطيتكها، وإن كنت غنيا، فإنما هي صداع في الرأس وداء في القلب» .

فهم زياد بن الحارث من هذا أن الولاية لا تأتي بخير للمسلم، بل هى ابتلاء له، فاستقال منهما، وقال للنبي صلي الله تعالي عليه وسلم: «يا رسول الله هذان كتابان (كتاب الإمارة، وولاية الصدقات)

<<  <  ج: ص:  >  >>