للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فجاء لتكتحل عيناه برؤية الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم الذى كان ملء السماء والأرض وكان مسجى فى فراشه، ولنترك الخبر الأليم كما وصفته أم المؤمنين عائشة حب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، لنترك لها البيان:

بينما رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على منكبى، إذ مال رأسه نحو رأسى فظننت أنه يريد من رأسى حاجة فخرجت من فيه نقطة باردة، فوقعت فاقشعر لها جلدى فظننت أنه غشى عليه، فسجيته ثوبا فجاء عمر، والمغيرة بن شعبة فاستأذنا فأذنت لهما، وجذبت إلى الحجاب. فقال عمر واغشياه ما أشد غشى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، ثم قاما، فلما دنوا من الباب قال المغيرة لقد مات رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال عمر: كذبت، بل أنت رجل تحوطك فتنة، إن رسول الله لا يموت حتى يفنى المنافقين، فكأن عمر رضى الله تعالى عنه كبر أن يموت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كما يموت الناس، وقد دفعه إلى ذلك فرط محبته، وجاء أبو بكر الصديق، فنظر إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فقال إنا لله وإنا إليه راجعون. مات رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، ثم أتاه وقبل رأسه وقبل جبينه، وقال واصفياه، ثم قبل جبهته، وقال: واخليلاه، مات رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم.

خرج عمر رضى الله عنه إلى المسجد يخطب فى الناس، ويقول: إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لا يموت حتى يفنى المنافقين. عندئذ تقدم أبو بكر ثم قال: إِنَّكَ مَيِّتٌ، وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ. ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ، وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ، وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً، وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (آل عمران) فمن كان يعبد الله فإن الله حى لا يموت، ومن كان يعبد محمدا، فإن محمدا قد مات.

وروى أن أبا بكر عندما قبل جبهة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قال: فداك أبى وأمى ما أطيبك حيا وميتا.

وروى أن عمر رضى الله عنه توعد بالقطع أو القتل من يقول إن محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم قد مات.

وروى أن خطبة أبى بكر كانت أطول مما ذكرنا، ويروى أنه رضى الله عنه، حنى على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقبله وبكي، وكل هذه أخبار ثقات، يجمع بينها، ولا تنافر فيها، فكل حفظ ما سمع، وشهد بما رأى، والناس جميعا كانوا فى فزع وجزع.

<<  <  ج: ص:  >  >>