للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيهما: أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لم يكن يتصل بنسائه جميعا كل ليلة- كما توهم عبارات بعض المحدثين- مما أخذ منه أعداء الإسلام ادعاء أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم كان شهوانيا واستندوا إلى أقوال هؤلاء وإلى تهافت بعضهم فى القول حتى إنه ليقول كان عند النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قوة أربعين رجلا، فالآية ترد كل هذا، فقد كان النبى صلى الله تعالى عليه وسلم يرجيء من يشاء منهن ويؤوى إليه من يشاء ويعتزل بعضهن ويبتغى من يعتزل من بعد ذلك، مما ينافى ما ادعاه بعض المحدثين من أنه عليه الصلاة والسلام كان يمر عليهن ويتصل بهن واحدة واحدة كل ليلة مما فتح الباب للمغرضين والكذابين من أعداء الإسلام والمنحرفين ممن تسموا بأسماء المسلمين.

بقى أن نتكلم فى بعض أسباب هذا التعدد:

قد أشرنا من قبل إلى أن تعدد زوجات النبى صلى الله تعالى عليه وسلم كان لإيواء الضعيفات من أزواج المهاجرين اللائى لا مأوى لهن فى هذه الغربة التى انقطعن فيها عن أهليهن، ولربط الصلات بينه وبين كبار أصحابه، ولمنع تحكم الوثنيين فيمن تربطهم رابطة نسب من نساء المهاجرين الذين يقتلون أو يموتون أو يرتدون وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى ذلك فى قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ (الأحزاب)

ويستفاد من هذا النص أن زواج المهاجرات كان للرحم التى تربطه بهن من عمومة أو خؤولة وأن ذلك يشمل قرابته لقريش فلا يضيعهن عند موت أزواجهن شهداء بل لا بد أن يتولى هو إيواءهن فى ظله الظليل.

وقد رأيت أن بعضهن تزوجها النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بأمر ربه تبيينا للشرع وتنفيذا لأحكامه وقد تعرض النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بأمر ربه لمجابهة العرب فيما كانوا يألفون ويرونه أمرا طبيعيا لا يخالف وقد تأثر به بعض المؤمنين حتى إن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قد حدث منه ذلك قبل الحكم بالمنع فبين الله تعالى أنه ضد الحقيقة وأن البنوة تكون من الصلب لا من الادعاء وأشار سبحانه وتعالى إلى أنه إدخال فى النسب ما ليس منه إذ قال سبحانه: ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ (الأحزاب) .

٧٣١- وهناك أمران آخران فى حكمة تعدد زوجات النبى صلى الله تعالى عليه وسلم غير ما

<<  <  ج: ص:  >  >>