للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والحرور، اللهم الا إن يقال إن هذه خصوصية للأنبياء، ينصرف عن الإيواء إليها غيرهم، ويجيء إليها النبيون كأنهم مأمورون بالإيواء» .

ولهذا الاستبعاد فسر الأكثرون كلام الراهب بأنه ما نزل الان فى هذه الساعة تحت هذه الشجرة إلا نبى فهو يخص محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم، بوصف النبوة باعتبار أنه هو الذى نزل الان، لأمارات عنده.

وربما نميل إلى ذلك التفسير، لأنه لا دليل على تخصيص الأنبياء بشجر أو منزل أو نحو ذلك، وإنما التخصيص فى الإكرام الشخصى. والأمارات الظاهرة فيه. «١»

وقد قيل فى هذه الرحلة إنه كلما اشتد الحر، كان ميسرة يرى ملكين يظلانه من الشمس، وبعيره يحمله.

وليس لنا أن ننفى ذلك الخارق للعادة إذا روى بسند صحيح، لا مجال للريب فيه، ولكن فى رواية ذلك كلام.

أقام محمد عليه الصلاة والسلام فى الشام حتى باع أحمال العير الخاص بخديجة، ثم بثمن ما باع اشترى بضائع من الشام، وقفل راجعا بها إلى مكة.

والربح يتعرف بمقدار الثمن الذى تبيع به لينقله التجار فى قافلة تذهب إلى اليمن. وقد باع كل البضائع التى اشتراها فى مكة، فكان الثمن ضعف رأس المال الذى كانت المتاجر التى ذهب بها محمد صلّى الله عليه وسلّم فكأن الكسب كان مثل رأس المال.

وإن ذلك بفضل أمانة محمد عليه الصلاة والسلام، وحرصه فى التجارة، وبفضل ما هو أعظم من ذلك وهو البركة التى فاضت على محمد صلّى الله عليه وسلّم فيما يعمل.

[الإملاك:]

١١٤- إن ميسرة مولى السيدة خديجة أخبرها بما رأى من طيب نفسه، ومن لطف عشرته، ومن حسن معاملته ومن سماحته، ومن أنه موطأ الكنف يألف ويؤلف، مع شرف محتده، ومكارم


(١) يروى أن الراهب لما راه دنا إليه وقبل رأسه وقدميه، وقال له: امنت بك وأشهد أنك الذى ذكره الله تعالى فى التوراة، فلما رأى الخاتم قبله، وقال: أشهد أنك رسول الله تعالى النبى الأمى الذى بشر بك عيسى.. إلى اخر ما قال. ويروى أنه فى أثناء تجارته اختلف على بعض معامليه فقال الرجل: أحلف باللات والعزى فقال: ما حلفت بهما، قال: القول قولك.

<<  <  ج: ص:  >  >>