للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١٢٧- هذا بعض مما كان يجرى من قريش تعصبا للبيت، فهم اعتبروا الحج عندهم هو زيارة البيت الحرام. وهذا من التعصب له، حتى نسوا شريعة إبراهيم فى الحج، وهو اعتبار الحج عرفة، والطواف ركنا من الأركان، وليس له وقت محدود طول السنة.

وإنه لمن إرهاصات النبوة أن محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام قبل أن يبعث رسولا نبيا، كان لا يتمسك بتقاليد قريش وأعمالها، بل كان يقف بعرفة، وإن ذلك بلاريب، توفيق من الله تعالى، وإلهام الله تعالى له بأن يقيم الحج على ما كان يقيمه إبراهيم.

ولم يسر على ما سار عليه العرب، بل كان يطوف بالبيت كما يطوف.

ويلاحظ أن الناحية التجارية فى قريش قد بدت واضحة فى أمرين:

أحدهما- أن الحجيج لا يأكلون من الطعام إلا ما يكون من قريش، فهو ترويج لتجارة قريش، وكذلك الأمر فى الثياب.

وثانيهما- ما كان يقام من المتاجر فى الأسواق التى كانت تجاور مكة.

وإنه بلا ريب كانت تلك التقاليد فيها فحش فى العمل، إذ كان بعض القبائل، إذا لم يجدوا ثيابا من ثياب الحمس، يطوفون عراة، وفيهم النساء، حتى أنهن كن يسترن عوراتهن الغليظة بأيديهن.

وإن هذه الأحكام يحسبون أنهم مأمورون بها، ولقد أنكرها الإسلام، فقد قال الله تعالى:

وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا، وَاللَّهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ، أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ. قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ، وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ. فَرِيقاً هَدى، وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ، إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ. يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ. قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ، وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ، قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ، كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ. قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ، وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ «١» .


(١) سورة الأعراف: ٢٨- ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>