للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسلم فما فزع، بل رجا، وما اضطرب بل اطمأن، فقال: أدخلوه، فدخل والنبى الأمين ثابت مطمئن هاديء هدوء المؤمن الشجاع، فلبب عمر بقوة، حتى استكان ثم دعاه إلى الإسلام، فأسلم.

ومحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم كان شجاعا يستمر فى دعوته، وهو يعلم أن الملأ يأتمرون به ليقتلوه. فما وهن لائتمارهم وللأذى ينزل به، وبضعفاء صحابته.

وكان الشجاع الثبت، وهو مهاجر، وقد اوى إلى غار ثور، والقوم قد أحاطوا به حاملين سيوفهم، بل كان الشجاع، وهو يقول لصاحبه الخائف على النبى صلى الله عليه وسلم لما عساه يصيبه: «لا تحزن إن الله معنا» .

وعندما لاقى اليهود فى يثرب، وهو يعلم مكايد اليهود وإيذاءهم، ومكرهم الخبيث الذى لا يمتنعون فيه عن الغدر، وقد هموا به، وأرادوا قتله غيلة برمى حجر عليه من عل، وبدس السم فى طعامه، وما جبن، ولا سكت عن الدعوة، بل استمر يدعوهم إلى الحق وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ.

وإن الشجاعة المعنوية بين المنافقين كانت سياسته، فهو يصدع بالحق بينهم، كما صدع به بين أصحابه، فهو فى معاملة المنافقين يسوسهم يريد عمر أن يقتل عبد الله بن أبي، فيمنعه فى قوة غير ابه لاعتراضه ومكانة عمر فى أهل الإيمان، ويقول له مرشدا، «لا أقتلهم حتى لا يتحدث العرب أن محمدا صلى الله عليه وسلم يقتل أصحابه» . وكان أبعد نظرا من عمر، لأنه بعد ذلك برم أهل كل منافق به واستأذنوا النبي عليه الصلاة والسلام فى قتل من فيهم من أهل النفاق، حتى طلب ابن عبد الله بن أبى من النبى عليه الصلاة والسلام أن يأذن له بقتله، فلم يأذن، وقال: «أين عمر، لو قتلتهم يوم طلب عمر أن أقتلهم، لأرعدت لهم أنوف تريد إليوم قتلهم» .

وكان عليه الصلاة والسلام شجاعا كريما، عندما قبل أن يكتب صلح الحديبية كما أملى المشركون، وقد اشتد الأمر على المؤمنين، لما قالوا من يخرج من المشركين مسلما بغير رضا وليه ردوه، ومن خرج من عند محمد صلى الله عليه وسلم مرتدا إلى مكة المكرمة لا يردوه، وغضب عمر وكثرة من المؤمنين، وقال قائلهم: لماذا نقبل الدنية فى ديننا، واشتد غضبهم عندما جاء أحد المسلمين من قريش مكبلا بالحديد فرده.

كان شجاعا وهو يعلم أنهم على خطا المخلصين، وردهم، ثم تبين بعد ذلك ما كان عليه النبى عليه الصلاة والسلام من حكمة، عندما طلبوا هم عدم التمسك بهذا الشرط، وإلغاءه، لأنه لم يرتد أحد

<<  <  ج: ص:  >  >>