للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القعدة وذو الحجة، والمحرم، وسبعة أيام من ربيع) ، أى أربعة أشهر وبعص الشهر، وإن ذلك يهدينا إلى مدة الفترة التى انقطع فيها الوحى النبوى، والتى كانت شاقة، وقد جاء هذا بالإشارة لا بالعبارة فى شرح المواهب اللدنية، فقد جاء فيها ما نصه: «وجمع بين النقلين» أى النقل بأنه بعث فى رمضان، والنقل الذى يقول إنه فى ربيع، بما ما فى ذلك حديث عائشة «أول ما بديء به الوحى الرؤيا الصادقة» فيكون نبيء فى شهر ربيع بالرؤيا الصادقة، ثم أتاه جبريل فى رمضان «١» .

ونرى أن صاحب المواهب نقل عن ابن حجر فى فتح البارى ذلك التوفيق، ولكنا نوافقه فى أصل التوفيق، ونخالفه فى استنباطه فى القول بالرؤيا الصادقة كان فى ربيع سنة ٤١ ونزول جبريل كان فى رمضان سنة ٤١ أيضا، وذلك لأن الذين قالوا إن النزول كان فى رمضان، قالوا وقد بلغ النبى صلى الله تعالى عليه وسلم الأربعين لا الحادية والأربعين، وللتوفيق الكامل نقول أنه كان فى رمضان سنة ٤٠ كانت الرؤيا الصادقة، التى أعقبها لقاء جبريل، وقد ذكره بما رأى وكان تصديقه بالمعاينة ثم فتر الوحى من بعد ذلك فترة شقت على النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وكان نزول القران الكريم وتتابعه، وهذا يعطينا بيان مدة الفترة، الذى ذكرناه ظنا، ونراه الان رواية صادقة، وأنه ملتقى الروايات التى يبدو فيها تضارب، ولكنه يتكشف بهذا أنه لا تضارب، بل تلاق بين النصوص.

[أول ما نزل من القران الكريم:]

٢٠٣- إن السياق الذى ذكرناه انفا وهو الذى أجمع عليه رواة السيرة، أن جبريل روح القدس عليه السلام خاطب محمد بن عبد الله صلى الله تعالى عليه وسلم بعد رؤياه الصادقة بما جاء فى وحى الرؤية تماما، فقال له اقرأ، فقال لا أقرأ.. إلى اخر المذاكرة الروحية بينهما، التى انتهت بأن نقل عن ربه قوله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ. الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ ... «٢» .

وإذا كانت هذه من القران الكريم، ومن ينكر ذلك فعليه أن يتوب، فإنها بلا ريب أول القران الكريم نزولا، واذا كنا قد انتهينا إلى أن أول القران الكريم نزولا كان فى رمضان، وأن أول الوحى كان فى رمضان، فرمضان شهر القران الكريم، كما هو شهر الوحى، وكما قال الله تعالى: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ «٣» .


(١) شرح المواهب اللدنية ج ١ ص ٢٠٧
(٢) سورة العلق: ١- ٥.
(٣) سورة البقرة: ١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>