للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لموسى قطعا بنص القران الكريم، وثبوتها لنبينا صلى الله تعالى عليه وسلم فى حديث الإسراء، وبهذا التفسير يتبين أن السابعة داخلة فى السادسة، وليست كل واحدة منهما مرتبة قائمة بذاتها «١» .

وفى الحق فإن هذه المراتب متداخلة، والمراتب كلها مذكورة فى القران الكريم، فى قوله تعالى: وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ... «٢» .

[دعوة الحق]

٢٠٥- بعد أن فتر الوحى نحو ستة أشهر أو دون ذلك قليلا، جاء التكليف بالتبليغ،. وتحمل عبء الرسالة الإلهية إلى الخلق أجمعين ناداه ربه بالأمر بأن يرفع من ثيابه ما كان يجر، ولا يكتفى بالتعبد فى غار حراء، وإن كان ذلك كافيا لتهذيب نفسه، وتصفية روحه، وأن يكون متصلا بربه خفية وتضرعا. فإنه لا يكفى لرسول أمين، بل لابد أن يتكلم عن ربه أمام العالمين، وتكون معه العبادتان:

العبادة الفردية بتهذيب ذاته وتقوية روحه، وتوجيه نفسه إلى الله واحده الذى لا يغيب عنه شيء فى السماء ولا فى الأرض، والعبادة الجماعية بأن يتقدم لدعوة الحق ودعوة الناس إلى الانصراف لعبادة الله واحده.

وإصلاح الخلق، والسير بهم فى المحجة الواضحة التى ليلها كنهارها. وهذه غاية الرسالة الكبرى التى حملها خاتم النبيين محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام.

أمره الله تعالى بعد أن ناداه النداء المؤكد: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنْذِرْ. وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ. وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ. وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ. وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ «٣» .

تضمنت هذه الايات الكريمات، الإنذار بالعذاب الشديد إن استمروا، وبالدعوة إلى عبادة الله تعالى، وتطهير الثياب ظاهرا وباطنا، وبترك الفساد وهجر الشر، وعبادة الله تعالى هى السبيل لدفع الشر، ومنع الأذى، وفى الجملة هذه الايات التى تعد أول طلب لتبليغ الدعوة تشتمل على ثلاثة أمور هى خلاصة الدعوة المحمدية، أو ترمز لكل نواحيها التكليفية. أولها- الإيمان بالعقاب والحساب، وقد أشار إليها سبحانه وتعالى بالأمر بالإنذار ففيه إشارة إلى اليوم الاخر وما يكون فيه من حساب وجزاء إن خيرا فخير، وإن شرا فشر. والأمر الثانى تربية النفس الإنسانية بالعبادة والصبر، وتطهير القلوب بالخلوص لله سبحانه وتعالى، وتكبيره واحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وقد أشار إلى ذلك بقوله تعالى


(١) المراتب مذكورة فى زاد المعاد ج ١ ص ٢٥، وفى المواهب اللدنية وشرحها ج ١ ص ٢٢٥ وما بعدها.
(٢) سورة الشورى: ٥١.
(٣) سورة المدثر: ١- ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>