للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا هو المفروض على الكافة ممن يسلمون، أما التطوع فبابه مفتوح والنبى مأمور بكثرة الصلاة، وقد قال تعالى مشيرا إلى طلب الصلاة الكثيرة من النبى صلى الله تعالى عليه وسلم يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ. قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا. نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا. أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا. إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا. إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلًا. إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا «١» .

وذكر الرواة أن جبريل روح القدس هو الذى علم النبى عليه الصلاة والسلام الوضوء، فقد ذكروا أن جبريل عليه السلام نزل عليه، وهو بأعلى مكة المكرمة فهمز له بعقبه فى ناحية الوادى، فنبع الماء، فتوضأ جبريل، وعلم النبى عليه الصلاة والسلام بذلك الوضوء قبل الصلاة.

وقد روى كتاب السيرة ذلك الخبر بسند غير متصل، ولكن روى متصلا عن زيد بن حارثة رضى الله تعالى عنه.

وبهذا يتبين أن الوضوء فرض لكل صلاة، وكانت فرضيته وهو عليه الصلاة والسلام فى مكة المكرمة، وقد استمر من بعد ذلك، وكان والصلاة ركعتان مرتين واستمر وقد صارت أربعا فى الظهر والعصر والعشاء، وثلاثا فى المغرب وركعتان فى الصبح، وذلك غير السنن على ما هو مبين فى فقه العبادات.

ولكن ذكر العلماء أمرا لا جدوى فيه من حيث العمل، وهو أن فرضية الصلوات المكتوبة والتى فرضت فى المعراج قبل الهجرة بسنة على ما سنحقق إن شاء الله تعالى، فقالوا أن الصلوات المكتوبة قد نسخت الاكتفاء بصلاتين، وأن ذلك ثابت بعمل النبى عليه الصلاة والسلام عملا متواترا، وانعقد عليه الإجماع، وصار معلوما من الدين بالضرورة بحيث من ينكره يكون كافرا.

وقد أشار القران الكريم إلى مواقيت هذه الصلوات الخمس، فقد قال تعالى: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى «٢» ، وقد قالوا إن الصلاة الوسطى هى صلاة العصر، ولا يمنع أن يراد الصلاة المثلى.

وقال تعالى مشيرا إلى أوقات الصلوات كلها: فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ. وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ «٣» .


(١) سورة المزمل: ١- ٧.
(٢) سورة البقرة ٢٣٨.
(٣) سورة الروم: ١٧، ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>