للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التى قد ضيقت علينا، وليبسط لنا بلادنا؛ وليفجر فيها أنهارا كأنهار الشام والعراق، وليبعث لنا من مضى من ابائنا، وليكن فيمن يبعث منهم قصى بن كلاب فإنه كان شيخا صدوقا، فنسألهم عما تقول أحق هو أم باطل، فإن فعلت ما سألناك وصدقوك صدقناك؛ وعرفنا منزلتك عند الله، وأنه بعثك رسولا، كما تقول.

مؤدى هذا الكلام أنهم يطلبون ايات أخرى، والله عليم بالقلوب، فقد جاء عيسى لأمثالهم بما هو أشد من ذلك، من إحياء الموتى وإبراء الأكمه، والله سبحانه وتعالى هو الذى يختار أنبياءه وهو أعلم بمن يؤيد رسالته.

قال لهم رسول الله رادا عليهم قولهم: ما بهذا بعثت، إنما جئتكم من عند الله بما بعثنى به، فقد بلغتكم ما أرسلت به إليكم، فإن تقبلوه فهو حظكم فى الدنيا والاخرة، وإن تردوه على، أصبر حتى يحكم الله بينى وبينكم.

قالوا: فإن لم تفعل هذا فخذ لنفسك، فسل ربك أن يبعث لنا ملكا يصدقك بما تقول، ويراجعنا عنك، وتسأله فيجعل لنا جنانا وكنوزا وقصورا من ذهب وفضة، ويغنيك عما نراك نبتغى، فإنك تقوم فى الأسواق، وتلتمس المعايش، كما نلتمس، حتى نعرف فضل منزلتك من ربك إن كنت رسولا كما تزعم.

قال لهم الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم: ما أنا بفاعل، وما أنا بالذى يسأل ربه هذا، وما بعثت إليكم بهذا، ولكن الله تعالى بعثنى بشيرا ونذيرا، فإن تقبلوا ما جئتكم فهو حظكم فى الدنيا والاخرة، وإن تردوه على أصبر حتى يحكم الله بيننا.

قالوا: فأسقط علينا كسفا من السماء، كما زعمت أن ربك إن شاء فعل، فإنا لا نؤمن بك إلا أن تفعل.

قال لهم الرسول الصادق الأمين صلى الله تعالى عليه وسلم: «ذلك إلى ربى إن شاء فعل بكم ذلك» .

قالوا: يا محمد ما علم ربك أننا سنجلس معك ونسألك عما سألناك ونطلب منك ما نطلب، فيقدم إليك، ويعلمك ما تراجعنا به، ويخبرك ما هو صانع فى ذلك بنا إذا لم نقبل ما جئتنا به، فقد بلغنا أنه إنما يعلمك هذا رجل باليمامة يقال له الرحمن، وإنا والله لا نؤمن بالرحمن أبدا، فقد أعذرنا إليك يا محمد، أما والله لا نتركك وما فعلت بنا، حتى نهلكك أو تهلكنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>