للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا، حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ، أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ «١» .

هذا ولأن النبى صلى الله عليه وسلم لو دعا عليهم لا جتثهم الله تعالى من فوق الأرض، وما وجد للإسلام أحد يحمل دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام من بعدهم، ولذلك كانت إجابة النبى عليه الصلاة والسلام لما أخبره بأن الله يطبق عليهم الأخشبين (جبلى مكة) قال خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام: «إنى لأرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله تعالى» وقد حقق الله تعالى رجاءه، فكان منهم من يعبد الله تعالي، بل كان منهم من حمل السيف مجاهدا فى سبيل الله، وكان من أصلابهم من حملوا النور، إلى مشارق الأرض ومغاربها.

[الاذى ينزل بشخص النبى عليه الصلاة والسلام:]

٢٥٦- لقد كان لأذى الضعفاء أنين، وشكوى، وسمع النبى عليه الصلاة والسلام أنينهم، فكان له ألما ممضا، وشكوا إليه فأشكاهم بالصبر وبشرهم بالجنة، وما كان ليكون نبى الرحمة إذا لم يذق من الكأس الدهاق من الالام التى يتجرعونها، وما كان ليدعو إلى المساواة فى السراء والضراء، إذا لم يشاركهم فيهما.

كان بنو هاشم يمنعونه من أن يقتل، ولكنهم ما كانوا ليمنعوه من أن يسفه ويستهزأ به ويؤذى بغير القتل، بل كان يتجرأ على ذلك سفهاؤهم من أمثال أبى جهل، بل من أمثال عمه أبى لهب الذى سلط ابنه اللعين ابن اللعين من أن يتفل فى وجه النبى عليه الصلاة والسلام فى حضرة كبير البطحاء أبى طالب الكريم ابن الكريم.

وإنه يروى البخارى بسنده عن عروة بن الزبير عن عمرو بن العاص، قال: بينما النبى صلى الله تعالى عليه وسلم يصلى فى حجر الكعبة الشريفة إذ أقبل عقبة بن أبى معيط فوضع ثوبه على عنقه فخنقه خنقا شديدا فأقبل أبو بكر رضى الله عنه، حتى أخذ بمنكبيه ودفعه عن الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم، وتلا قوله: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ، وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ، وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ، وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ، إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ «٢» .


(١) سورة البقرة: ٢١٤.
(٢) سورة غافر: ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>