للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستضعاف والاستهزاء، كما قال الله تعالى: وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ.

[النبى صلى الله عليه وسلم يحرض المؤمنين على الهجرة:]

٣١٨- أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعد البيعة الثانية- يحرض المؤمنين على الهجرة إلى يثرب. وأهل يثرب من الأوس والخزرج يدعون إلى دين الله تعالى، وينشرونه بين أهليهم وإخوانهم، حتى صاروا كثرة كاثرة فى المدينة، وصاروا هم أنصار رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وأصبحوا كالحواريين لعيسى عليه السلام، بيد أن الحواريين لم يكونوا عددا كثيرا، وكان الأنصار عددا كثيرا من بعد.

روى البخارى ومسلم بطرق مختلفة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: «رأيت فى المنام أنى أهاجر إلى أرض بها نخل، وذهب وهمى إلى أنها اليمامة أو هجر، فإذا هى يثرب» وروى الزهرى عن عروة بن الزبير عن أم المؤمنين عائشة أنها قالت قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وهو يومئذ بمكة المكرمة للمسلمين: «قد أريت دار هجرتكم، أريت سبخة ذات نخل بين لابتين» فهاجر من هاجر قبل المدينة حين ذكر ذلك رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، ورجع إلى المدينة من كان هاجر إلى الحبشة من المسلمين.

ويذكر ابن إسحاق في سيرة النبي صلّى الله عليه وسلّم بروآياته أن الإذن بالهجرة أو الأمر بها ذكره الله سبحانه وتعالي في قوله تعالت كلماته: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا، وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ.

الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ، وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ، وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً، وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ، إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ. الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ، وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ «١» .

ونري أن هذه الايات الكريمات نزلت بالمدينة، لأن سورة الحج مدنية، ولأن الايات تنبيء عن أنهم أخرجوا بالهجرة من ديارهم وأن الإذن من الله بالخروج والإخراج قبل الهجرة، والسبب مقدم علي المسبب وأن الأمر فيها إذن بالقتال، وهو بعد الهجرة، بعد أن صارت قوة متجمعة في يثرب التي صارت مدينة الرسول.


(١) سورة الحج: ٣٩- ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>