للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد سلك بهم طريق الساحل، ولم يكن مألوفا فى الوصول إلى يثرب منه، ولنترك الكلمة لابن إسحاق فى سيرته يذكر الأماكن التى مر بها فهو يقول:

«لما خرج بهما دليلهما عبد الله بن أرقط (أريقط) سلك بهما أسفل مكة المكرمة، ثم مضى بهما (النبى صلّى الله عليه وسلّم وأبى بكر) على الساحل حتى عارض الطريق أسفل من عسفان، ثم سلك بهما على أسفل أمج، ثم استجار بهما حتى عارض بهما الطريق، بعد أن أجاز قديدا، ثم أجاز بهما من مكانه ذلك، فسلك بهما الخرار ثم سلك بهما ثنية المرة، ثم سلك بهما لقفا، ثم أجاز بهما مدلجة لقف، ثم استبطن بهما مدلجة محاج «١» ، ويقال له مجاج، ثم سلك بهما مرجع مجاج، ثم تبطن بهما مرجع ذى العضوين، ثم بطن ذى كشر، ثم أخذ بهما على الجداجد، ثم على الأجرد، ثم سلك بهما سلم، من بطن أعداد مدلجة تعهن (وزن فعلل) اسم عين ماء، ثم على العبابيد.. ثم أجاز بهما الفاحة» .

قال ابن هشام: «ثم هبط بهما العرج، وقد أبطأ عليهما بعض ظهرهما. فحمل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، رجل من أسلم يقال له أوس بن حجر، على جمل له يقال له ابن الرداء- إلى المدينة، وبعث معه غلاما له يقال له مسعود بن هنيدة، ثم خرج بهما دليلهما من العرج فسلك بهما ثنية الفا عن يمين ركوبه، حتى هبط بهما بطن رئم، ثم قدم بهما قباء لاثنتى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول يوم الاثنين، حين اشتد الضحاء، وكادت الشمس تعتدل» «٢» .

هذا هو البيان الذى ذكرت فيه أسماء الأماكن التى مر بها ذلك الركب المبارك، فما ذكر كله أسماء أماكن فى الصحراء العربية، وهى مجاهل فيها، ما كان ليعلمها إلا خبير بها، وهو ذلك الدليل الذى كان عليما بها، وكان أمينا على من معه مع بقائه على الشرك.

وهذا البيان يدل على مقدار صعوبة الرحلة، حتى أجهدت الرواحل، واضطر النبى صلّى الله عليه وسلّم إلي تغيير الراحلة.

[أم معبد:]

٣٢٨- هذا خبر عن امرأة نقية طاهرة مخلصة، التقى بها النبى صلّى الله عليه وسلّم فى القديد فى أثناء رحلته، وقد ظهر فى لقائه بها عليه الصلاة والسلام من خوارق العادات، مما يضاف إلى خارقة خروجه عليه الصلاة والسلام، وقد وضع الله تعالى على بصرهم غشاوة، فلم يروه، ويضاف نسج العنكبوت فى الغار، وإلى تعشيش الحمام عليه، وإلى غوص قوائم فرس سراقة، وعثرته عدة مرات.


(١) في معجم البلدان لياقوت (مجاج)
(٢) سيرة ابن هشام ج ١: ٢ ص ٤٩١. ٤٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>