للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيئا فشيئا، وإن تصورها على أساس التصور الذى أو مأت إليه المصادر الدينية، فإنه يكون إنشاؤها قبل ميلاد المسيح بنحو تسعة عشر قرنا.

ويستفاد من هذا أن الكعبة قد بنيت، أو على الأقل بناها إبراهيم عليه السلام قبل دخول القبائل الارية الهند، لأنها دخلت فيما نظن قبل ميلاد المسيح عليه السلام بنحو خمسة عشر قرنا، وعلى ذلك لا تكون ثمة غرابة فى أن يجىء ذكر مكة والكعبة، والتبشير بمحمد صلّى الله عليه وسلّم فى كتب الفيدا المقدسة عند الهنود كما سنبين إن شاء الله تعالى.

ومهما يكن فإن الذى بنى الكعبة إبراهيم، والتفت من بعده حوله الأبنية، سواء أكان ذلك قبل تجمع الأبنية لتكون مدينة مكة أم كان بعد التجمع، وفصل القران الكريم ذلك فى نصوص كثيرة.

ولكن الذين يحاولون مهاجمة القران الكريم من ناحية التشكيك فى الوقائع التاريخية التى يشتمل عليها، ينكرون أو يفترون، أو يثيرون الشك المجرد.

فيثير الريب قوله إن قصة إبراهيم وإسماعيل من صنع اليهود قالوها ليربطوا بينهم وبين العرب برابطة من قربى النسب، حتى يكونوا أولاد عمومتهم، ليحسنوا إيواءهم، إذ يؤوون إليهم ذوى قرابتهم لرابطة الرحم بينهم، ويسوق شاهدا لكلامه التباعد بين الوثنية العربية، وبين دين إبراهيم عليه السلام الذى كان مواحدا، وكان هادم الأوثان.

وفى الحق أن ذلك الكاتب أو المؤرخ غلبت عليه شهوة التشكيك فى القران فساق كلاما لا يا بنى على أى أساس علمى من وقائع ثابتة، لأنه كان يجب أن يا بنى الطعن على وقائع ثابتة، إنه يحاول هدم أمر معروف مقرر، ذكره التاريخ قرنا بعد قرن، حتى جاء إلى هذه العصور، وقد تطابقت عليه الكتب السماوية حتى المحرفة منها، فقد جاء ذكر إبراهيم وإسماعيل فى التوراة، أى كتب العهد القديم التى يؤمن بها المسيحيون، وأنهم جاؤا إلى بلاد العرب.

فقد جاء فى التوراة (أي كتب العهد القديم عند المسيحيين)

قد جاء فى الإصحاح السادس خبر هاجر الجارية وحملها، وذهابها بابنها فى البرية (أى الصحراء) «هو ذا الرب قد أسكننى عن الولادة، ما دخل إلى جاريتى لعلى أرزق منها بنين ... لما رأت هاجر أنها حملت صغرت فى عينها، فقالت ساراى لإبراهيم: ظلمى عليك، وقعت جاريتى إلى حضنك، فلما رأت أنها حبلت صغرت فى عينيها، يقضى الرب بينى وبينك، فقال إبراهيم لساراى: هو ذا جاريتك فى يدك افعلى بها ما يحسن فى عينيك، فأذلتها ساراى، فهربت من وجهها، فوجدها ملاك الرب على عين الماء فى البرية، على العين التى فيها طريق شور، وقال: يا هاجر جارية ساراى، من أين أتيت؟ وإلى أين

<<  <  ج: ص:  >  >>