للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الكرامة]

وإن دولة الإسلام التى ألفها النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في المدينة المنورة تدعو إلى تكريم الإنسان. لأنه إنسان لا لكونه شريفا نسيبا، ولا لكونه أبيض أو أسود، ولا لكونه مسلما، بل للإنسانية فيه، ولقد قال الله تعالى في ذلك، لَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ، وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ، وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا. وكرم الله تعالى الرقيق، ودعا القرآن الكريم إلى عتقهم، ومنع النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أن يذل المالك من يملكه، أو يرهقه بأن يكلفه ما لا يطيق، وروى الإمام أحمد أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قال «من لطم عبده، فكفارته عتقه» وقد سوى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بين نفس الحر، ونفس العبد، بل سوى بين نفس العبد، ونفس مالكه. فقال عليه الصلاة والسلام «من جوع عبده جوعناه، ومن قتله قتلناه» .

[العدالة]

(د) وأوجب القرآن الكريم العدالة بكل ضروبها، وعدها عنوان الإسلام، ويروى في ذلك أن أكثم بن صيفى لما بلغته دعوة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أرسل بنيه ليعرفوا دعوته عليه الصلاة والسلام، فتلا عليهم قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى، وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٩٠- النحل) .

وإن العداله مطلوبة على الولى والعدو على سواء، ولذلك قال الله تعالى: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا، اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى (٨- المائدة) . فالعدل حتى مع العدو المشنوء أقرب للتقوى.

والعدالة في مضمونها تشمل ما يسمى العدالة القانونية، وهى أن يكون القانون الذى يحكم به الناس واحدا، وأن يكون تطبيقه على الجميع واحدا، فلا يضار الفقير في تطبيقه، ولا يحابى الغنى في معاملته، وأساسه المساواة في التطبيق. ولذا قال صلى الله تعالى عليه وسلم: «كلكم لآدم وآدم من تراب لا فضل لعربى على أعجمى إلا بالتقوى» . ولقد تأسى بهدى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، أبو بكر إذ قال:

«القوى منكم ضعيف، حتى آخذ الحق منه، والضعيف منكم قوى حتى آخذ الحق له» .

وتشمل العدالة في مضمونها العدالة الاجتماعية بأن يمكن لكل إنسان من أن يعيش عيشة كريمة غير مقطوع ولا ممنوع، وأن يمكن من استغلال مواهبه فيما يفيد شخصه، وجماعته، وأن تهيأ الفرص لكل إنسان أن يعمل بطاقته جسمية كانت أو عقلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>