للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واليهود قد وجدوها فرصة لائحة تشفى غيظهم، فأخذوا ينثرون من أفواههم ما تنغر به قلوبهم من إحن وعداوة للإسلام أخفوها ابتداء، ولكن بدت من أفواههم رغم أنوفهم. وما تخفى صدورهم أكبر.

حدث هذا، والمجاهدون الأطهار تكاد نفوسهم تذهب حسرات حتى نزل قول الله سبحانه وتعالى:

يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ، قِتالٍ فِيهِ، قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ، وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ، وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ، وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ، وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا (البقرة- ٢١٧) .

كانت هذه الآيات الكريمات بردا وسلاما للمؤمنين، وردا قاطعا حاسما للكافرين، وإنه ليس لأولئك الذين انتهكوا الحرمات، من كفر بالله وبالمسجد الحرام وصد عن سبيل الله سبحانه وتعالى، وقتل فى البيت الحرام- أن يتكلموا في انتهاك الأشهر الحرم.

على أنه يجب أن يعلم أن الذين ابتدأوا بالقتال هم المشركون، فقد أغاروا ابتداء على فناء المدينة المنورة، نعم إنهم لم ينالوا مأربا، وفروا فرارا، فهل كان لأهل الإيمان أن يتركوهم ليعيدوا الكرة عليهم، لا يمكن أن يتركوهم ليغزوهم في عقر دارهم.

ومهما يكن من الأمر، فقد كانت هذه الغزوة إرهاصا لبدر الكبرى، فقد كانت العير هى التى استولى عليها المؤمنون.

[لماذا كانت هذه الغزوات:]

٣٧٠- قد خرجت غزوات النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ثلاث مرات، وخرجت أربع سريات لم يحصل قتال في السرايا، ولا في الغزوات إلا سهما أرسله سعد بن أبى وقاص في سرية عبيدة ابن الحارث بن عبد المطلب، وسهما قتل ابن الحضرمى في سرية عبد الله بن جحش، وكانت سهما عائرة، لأخذ العير، ولا يمكن أن يسمى ذلك قتالا، إنما يسمى محاولة لأخذ مال هو من بين ما اغتصبه المشركون من المؤمنين، إذ أخرجوا من ديارهم وأموالهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله.

إذا لم يكن قتال بمعنى كلمة قتال التى تكون مفاعلة من الجانبين، فلماذا كلف النبى صلى الله تعالى عليه وسلم نفسه ورجاله مئونة هذا الخروج؟ ونقول في الإجابة عن ذلك:

أ- أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم خرج من مكة المكرمة، وهو هضيم، أو شبه مطرود في ظاهر الأمر، وما هو إلا ليجمع قوة الحق، فكان لابد أن يعمل على إظهار ما أيده الله سبحانه وتعالى به من قوة، تستطيع أن تشعر الظالمين بأن للحق شوكة، وأنهم إذا لم يتركوا الدعوة في طريقها رغبا، فإنهم لا بد أن

<<  <  ج: ص:  >  >>