للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أ) أنه لما علم بمقتل المشركين من أهل بدر، أعلن غضبه على المؤمنين، قال: «لئن كان محمد أصاب هؤلاء القوم لبطن الأرض خير من ظهرها» ، وبذلك أعلن العداوة المكنونة في نفسه، وماذا يصنع النبى صلى الله تعالى عليه وسلم مع عدو أظهر عداوته، ولم يكن له عهد مع النبى صلى الله تعالى عليه وسلم.

(ب) أنه كان يهجو النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ويشدد في الهجاء، غير ملاحظ كرامة، ولا حرمة، بل كان منخلعا من كل عهد، ومن كل فضيلة، وكان كالذين آذوا موسى من إخوانه اليهود، وهو متحلل من كل مروءة.

(ج) أنه قدم المدينة المنورة يعلن عداوته للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم ويجاهر بها، ويحرض اليهود على المؤمنين، ويلقى بالشر والفتنة بين المؤمنين من غير حريجة من خلق أو دين أو عهد، وجعل يشبب بنساء المؤمنين، ويشيع قالة السوء عن فضليات هؤلاء النساء.

(د) وكان يحرض يهود على أن تنقض عهدها مع النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وأنه كان بأفعاله يجرئ كل من لم يؤمن بمحمد عليه الصلاة والسلام على الخروج عليه، وشن الحرب، ولم يترك بابا من أبواب الكيد إلا دخل إليه، وليس له أهل يرد عليهم فيمنعوه، بل هو منفرد بأعماله مقيم فى حصن، لا ينتمى إلى بنى النضير إلا من جهة أمه، ولا تسرى عليه عهودهم.

(هـ) أنه لم يقف عمله عند العداوة والبغضاء، وإشاعة الفساد، وتحريض يهود، بل إنه تجاوز ذلك، إذ ذهب إلى مكة المكرمة، واستعدى قريشا، فنزل على الذين أوذوا في غزوة بدر، وأخذ يحرضهم على قتال النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وربط حباله بحبالهم، ونفسه بنفوسهم، حتى لقد قال له أبو سفيان من فرط ما امتزجت نفوسهم به: «أناشدك أديننا أحب إلى الله أم دين محمد وأصحابه، وأينا أهدى في رأيك، وأقرب إلى الحق، إننا نطعم الجزور الكوماء، ونسقى اللبن على الماء، ونطعم ما هبت الشمال» فقال له كعب اليهودى الكتابى: أنتم أهدى سبيلا، وقال الله سبحانه وتعالى في كتابه: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ، وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا. أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ، وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً. أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ، فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً. أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ، فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ، وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (النساء- ٥١: ٥٤) .

وهكذا قد بدت العداوة من أفواههم، والتحريض من أعمالهم، وإرادة الفساد، وإشاعة الفاحشة بين المؤمنين من تصرفاتهم، وكان كعب المثل الواضح في ذلك، وكان يقول القصائد محرضا المشركين على المؤمنين ويقول في شعره محرضا قريشا:

<<  <  ج: ص:  >  >>