للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويظهر أنهم رجعوا عن رأيهم على حسب الزعم الذى زعموه، ولكن الشورى ليس معناها التردد، فإن مع التردد الهزيمة، إذ التردد يترتب عليه عدم العزيمة، والعزيمة من قوة الجيش.

ولقد نبههم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم إلى منع التردد، وقال في حكمة النبوة «ما ينبغى لنبى لبس لأمة الحرب وأذن بالخروج إلى العدو أن يرجع، حتى يقاتل، وقد دعوتكم إلى البقاء، فأبيتم إلا الخروج فعليكم بتقوى الله تعالى، والصبر عند البأس، إذا لقيتم العدو، وانظروا ماذا أمركم الله» .

مضى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بجيشه من المؤمنين، وكان عدة المشركين نحو ثلاثة آلاف كما ذكرنا، بينما كان عدة المسلمين، وفيهم مرضى القلوب ألفا، وأراد بعض الأنصار أن يستعينوا بحلفاء لهم من اليهود، فقد ذكر الزهرى أن الأنصار استأذنوا الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم فى الاستعانة بحلفائهم من المدينة المنورة، فقال صلى الله تعالى عليه وسلم: لا حاجة لنا فيهم، لأن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أراد أن يكون جيشه ممن يريدون القتال دفاعا عن عقيدتهم، ولأن الله سبحانه وتعالى يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا وَدُّوا ما عَنِتُّمْ، قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ (آل عمران- ١١٨) .

وما كان له أن يستعين باليهود في نصرته، وقد كان بينه وبين بنى قينقاع ما كان مما اضطره لأن يخرجهم، وكتب الله عليهم الجلاء.

[المنافقون:]

٤١٦- نقى الله تعالى الجيش الإسلامى من المنافقين فخرج من الألف نحو ثلث الجيش من أتباع عبد الله بن أبى، وأظهر أنه خرج مغاضبا، لأن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لم يأخذ برأيه، وكذلك كل مستبد يريد أن يفرض رأيه على غيره، فهو لا يخلو من نفاق، وقد يبلغ في نفاقه ما بلغه منه عبد الله بن أبى رأس النفاق بين المسلمين، وكان خروجه ومن معه إعلاما لأهل الإيمان بنفاقهم، ولقد قال: أطاعهم وعصانى.

ولقد كان من أثر دعوته إلى الخروج أن لامه بعض المخلصين، وهمّ باتباعه بعض المؤمنين فكان ممن لامه ومن معه عمرو بن حزام، وهو يقول له ولمن معه: «يا قوم أذكر كم الله ألا تخذلوا قومكم ونبيكم، عند ما حضر من عدوكم» . فكان من نفاقهم أن قالوا والعدو يساور المدينة المنورة: «لو نعلم أنكم تقاتلون ما أسلمناكم ولكنا لا نرى أن يكون قتال» فقال الرجل المؤمن عند ما استعصوا عليه: أبعدكم الله أعداء الله، فسيغنى الله تعالى عنكم نبيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>