للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد كان رجوعه سببا في اضطراب بعض المسلمين من المترددين، وإن لم يكونوا من المنافقين، فقد همت طائفتان من المسلمين أن تفشلا والله وليهما.

وهمّ بنو سلمة، وبنو حارثة أن يعودوا مع من عاد مع عبد الله بن أبي، وكان ذلك من فرط جزعهم من لقاء عدد يفوقهم أضعافا، وهو مزود بزاد الضغن والعدة، وقد أثر النفاق في نفوسهم وإن لم يكونوا منافقين.

وهؤلاء هم الذين قال الله سبحانه وتعالى فيهم: وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ، وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُما، وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (آل عمران- ١٢١: ١٢٢) .

وقد فرح رجال هاتين الطائفتين لقول الله سبحانه وتعالى: وَاللَّهُ وَلِيُّهُما إذ اطمأنوا إلى أنهم لم يكونوا منافقين وإن كانوا مترددين، لأن الله تعالى ولى المؤمنين، والمنافقون وليهم الشيطان.

وإنه إذ خرج هؤلاء كان النبى صلى الله تعالى عليه وسلم يعرض عليه صغار المؤمنين الذين لم يبلغوا الخامسة عشرة، ولم تكن فيهم مهارة في الرماية ولا قوة بدنية تغنى غناء الرجال، فقد ثبت في الصحيحين أن عبد الله بن عمر عرض على النبى صلى الله تعالى عليه وسلم في أحد فرده، وكذلك رد يومئذ أسامة بن زيد، وزيد بن ثابت، والبراء بن عازب ... وغيرهم.

وقد همّ برد رافع بن خديج وكان في مثل هذه السن، فقيل له: إنه يحسن الرماية، فأجازه، لأنها لا تحتاج إلى قوة في البدن، ولكن إلى مهارة في إصابة الهدف.

وكان سمرة بن جندب قد تقدم أيضا في قريب من هذه السنة فهم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أن يرده، فقيل: إنه يصرع رافعا، ويظهر أنه رآه أقوى منه، فأجازه.

[مقاعد القتال:]

٤١٧- أخذ النبى صلى الله تعالى عليه وسلم يبويء المؤمنين مقاعد القتال، وقد صفى الله تعالى الجيش من المنافقين، وثبّت المترددين، فقد قال النبى صلى الله تعالى عليه وسلم داعيا إلى التقوى والصبر، وأن الله تعالى ناصرهم، كما نصرهم ببدر وهم أذلة، ومبشرهم به إن صبروا، فقال الله سبحانه وتعالى حاكيا عن نبيه عليه الصلاة والسلام في تثبيتهم في ذلك اليوم وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ، فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>