للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ. بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ. وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ، وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ. لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا، أَوْ يَكْبِتَهُمْ، فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ (آل عمران- ١٢٣: ١٢٧) ثبت الله سبحانه وتعالى قلب المؤمنين بهذه البشرى، وهى الإمداد الروحى بالملائكة، إن صبروا في الميدان وثبتوا، وذكروا الله تعالى، وأنه فوق كل القوى، وصبرت نفوسهم، فلم تنحرف عن القتال والإيغال وراء العدو، ولم تشغل بالغنيمة عن النصر، وإن صبروا فلم يخالفوا القائد المدرك الذى يدعوهم إلى الرشاد، وإلى أن يتعاونوا جميعا في الميدان، وعلموا أنهم يؤلفون جيشا متعاونا وليسوا فرقا متفرقة تتنافس في الغنائم، ولا تتنافس فى النصر.

تقدم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، ومضى حتى نزل الشعب من أحد في عدوة الوادى إلى الجبل، فجعل ظهر عسكره عنده لكيلا يتمكن المشركون.

وصف الصفوف، كما فعل في بدر، وقلده المشركون في هذا فصفوا الصفوف أيضا وجعل الرماة وعددهم خمسون راميا، وراء ظهر الجيش، وجعل عليهم عبد الله بن جبير أميرا، وأوصاه بأن ينضح عن المسلمين الخيل، وقال له: «انضح الخيل عنا بالنبل، لا يأتونا من خلفنا فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك» .

ولبس رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لأمته، وشدد الوصية للرماة، وذلك ليمنع التفاف جيش المشركين حول جيش المسلمين، وعدد المشركين كبير، وجيشهم كثيف.

وبعد أن صف النبى صلى الله تعالى عليه وسلم جيشه أمره بألا يقاتل، حتى يأمره بالقتال، ليتقدم الجيش على قلب رجل واحد، وظهورهم في حماية الرماة.

وذلك تنظيم حربى لم يعرفوه، ولو أن الرماة أطاعوا ما اضطرب جيش المسلمين، ولا أصابهم قرح في هذه الغزوة، وقد كان أمام جيش الإيمان جيش الشرك يفاخر بكثرته وعدته، وقد اتخذ الأفراس التى تجاوزت مائتين، والإبل مزارع المدينة المنورة مسترادا، ومذهبا، وذلك مما أثار حمية أهل المدينة للقتال حتى قد قال قائلهم، والنبى عليه الصلاة والسلام يشاورهم في الخروج إلى المشركين: أترعى زروع بنى قيلة الأوس والخزرج ولما تضار.

<<  <  ج: ص:  >  >>