للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من برية سيناء فحلت السحابة فى برية فاران.. ويستنبط من ذكر عشرة الالاف الذين ذكروا على أنهم محمد وأصحابه عندما خرجوا فى غزواتهم إلى مكة، وإلى الشام، فقد بلغوا هذا العدد، وكانوا من الصحابة الأطهار. ويسوق ما جاء فى التوراة من أن موسى كليم الله تعالى بشر بمحمد عليه الصلاة والسلام بقوله: «إن نبيا مثلى سيقيم الرب إلهكم من إخوانكم أبناء إبراهيم» .

ويسترسل الكاتب المحقق فى بيان ما جاء بالتوراة من إشارات فيذكر أن عبارة «نبى من أبناء إبراهيم مثلي» تثبت أنه محمد عليه الصلاة والسلام، إذ لم يجيء أى نبى بعد موسى عليه السلام بشريعة كاملة تبين كل الأحكام غير القران الكريم الذى نسخ بعض الأحكام التى جاءت فى التوراة «١» .

وهكذا نجد التوراة قد بشرت بالنبى وإشارات التبليغ قائمة فيها، حتى بعد أن عراها التغيير والتبديل.

وإن هذا الكلام لا يبشر فقط بالنبى عليه الصلاة والسلام، بل يبين مكان الرسالة، ومنبعثها الذى تعم منه مشارق الأرض ومغاربها، ففاران كما جاء فى أخبار المؤرخين والمحققين من الكتاب الأقدمين، كان بينها وبين أيلة مسيرة ثلاثة أيام، وكما جاء فى كثير من أقوال المؤرخين كانت حول مكة أو بمكة.

وقد ذكر الأحمديون الذين عنوا بترجمة معانى القران الكريم، وإن كنا نخالفهم فى أصل ترجمة القران، كما نرى الرأى المبطل لاعتقادهم، مع ذلك نأخذ كلامهم فى التبشير بالنبى صلّى الله عليه وسلّم، فإن اللؤلؤة الفائقة لا تهون لهوان غائصها الذى استخرجها، والحكمة ضالة المؤمن يلقفها أنى وجدها.

ذكر الأستاذ المرحوم العقاد ما قاله الأحمديون، فقال:

«ومن الجماعات التى عنيت عناية خاصة بهذه النبوات جماعة الأحمدية الهندية التى ترجمت القران (أى معانيه) إلى اللغة الإنجليزية، فإنها أفردت للنبوات والطوالع عن ظهور محمد عليه الصلاة والسلام بحثا مستفيضا فى مقدمة الترجمة.. قالت فيه إن نبوءة موسى الكليم تشتمل على ثلاثة أجزاء، وهى التجلى فى سيناء، وقد حصل فى زمانه، والتجلى من ساعير، أو جبل أشعر، وقد تجلى فى زمن السيد المسيح، لأن هذا الجبل، على قول الجماعة الأحمدية، واقع حيث يقيم أولاد يعقوب الذين اشتهروا بعد ذلك بأبناء أشعر، وأما التجلى الثالث فمن أرض فاران، وهى أرض التلال التى بين المدينة ومكة.

وقد جاء فى كتاب (فصل الخطاب) أن الأطفال يحيون الحجاج فى تلك الأراضى بالرياض من برية فاران ... وقد أصبح أبناء إسماعيل أمة كبيرة، كما جاء فى وعد إبراهيم، فلا يسعهم شريط من الأرض على تخوم كنعان ولا وجه لإقامتهم، حيث أقام العرب المنتسبون إلى إسماعيل، ولا باعث لهم


(١) الكتاب المذكور ص ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>