للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانيها: أن بعض الجيش الإسلامى بتأثير الذين يريدون الدنيا قد شغلوا بالغنائم، ولم يطاردوا المشركين بعد أن اضطربت صفوفهم بضربات المؤمنين الصادقين أولى البأس من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يتبعوا المشركين حتى يثخنوهم، ويعجزوهم عن أن يحيطوا بهم، ويضربوا فيهم.

وثالثها: عصيان القائد، وذلك من الذين يريدون الدنيا، وقد عارضهم الذين يريدون الآخرة، ولكن الأولين كشفوا ظهر المسلمين.

ولقد كانت نتيجة هذه الجراح عبرة ولم تكن هزيمة، وهى أن الله تعالى محص الذين آمنوا بالله وطلبوا الآخرة من الذين يريدون الدنيا، ولا يفكرون فيما عند الله تعالى في الآخرة.

فإنه في الوقت الذى كان يجرى فيه هؤلاء وراء الغنائم التى كانت وبالا- كان المخلصون الذين يريدون الآخرة قد أحاطوا بالرسول يتلقون عنه ضربات السيوف وينضحون النبل، ويرمون، ويأتمرون بأمر القائد الأعظم، بأمر الرسول عليه الصلاة والسلام، وقد باعوا أنفسهم لله تعالى يقاتلون، فيقتلون ويقتلون حتى شقوا الطريق، وعلوا إلى الهضبة، وأخذوا يكيلون الضربات، حتى أيئسوهم من نصر، وأن يلحقوا بالمسلمين هزيمة، ولقد قال الله سبحانه وتعالى وقد تبين المجاهدون الذين أشرنا إليهم، والذين استردوا الموقف، بعد أن خرج بعمل الذين يريدون الحياة الدنيا وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ. أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ.

وقد تبين المجاهدون الصابرون، وكان منهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا، وإن غزوة أحد مهما تكن نتيجتها قرر النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أنها جرح أصيب به المسلمون من الشرك، فقد قال صلى الله تعالى عليه وسلم: «لا يصيب المشركون منا مثلها، حتى يفتح الله علينا» .

[دعاء الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم في أحد:]

٤٣٤- رأينا أن نتيمن بذكر دعاء الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم في أعقاب المعركة في شدتها على أهل الإيمان، روى الإمام أحمد رضى الله تعالى عنه في مسنده، وبالسند المتصل أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لما كان يوم أحد، وانكفأ المشركون، قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم «استووا حتى أثنى على ربى عز وجل، فصاروا خلفه صفوفا، فقال اللهم لك الحمد كله، اللهم لا قابض لما بسطت، ولا باسط لما قبضت، ولا هادى لما أضللت، ولا مضل لمن هديت،

<<  <  ج: ص:  >  >>