للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمر النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بالخروج إليهم، مهما يؤيدهم المنافقون سرا أو علنا، فجعل على المدينة ابن أم مكتوم، وكان ذلك في شهر ربيع الأوّل.

سار بمن معه من المهاجرين والأنصار فنزل بساحتهم فحاصرهم وتحصنوا بحصونهم، وقد أوهمهم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أنه سيقطع نخيلهم ويحرقها فنادوه: أن يا محمد قد كنت تنهى عن الفساد وتعيب من صنعه، فما بال قطع النخيل وتحريقها.

ويظهر أنهم توهموا ذلك، أو أوهموا لتضعف نفوسهم، ويهون عليهم الاستسلام، ولم يقطع ولم يحرق كما تدل الآية الكريمة التى بينت مالهم في سورة الحشر، وهى سورة جلائهم.

وقد ذكرنا أن المنافقين وعلى رأسهم عبد الله بن أبى قد بعثوا إليهم ابتداء بأنهم معهم ليثبتوا ويتمنعوا، فثبتوا وتمنعوا، وكان الحصار، وقد استمروا في غيهم، وقالوا لهم: لن نسلمكم، إن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن أخرجتم خرجنا معكم.

تربص اليهود ذلك من المنافقين، وصدقوهم، وتوقعوا أن ينصروهم، وهم بين المسلمين، فما فعلوا شيئا، فاضطرب أمر اليهود وانزعجوا، وقذف الله تعالى في قلوبهم الرعب.

عندئذ اضطروا لأن يعودوا ويقبلوا الجلاء الذى طلبه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم من غير حرب ولا حصار، وإعنات، ولكن لم يرضوا بسبب تحريض أهل النفاق.

عادوا وطلبوا من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن يجليهم، ويكف عن دمائهم، على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم.

أجابهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فاحتملوا من أموالهم ما استقلت به الإبل، فكان الرجل منهم يأخذ من بيته ما يخلع به بابه، فيضعه على ظهر بعيره، فينطلق به.

خرجوا إلى خيبر، حيث تجمعوا في حصونها مع بنى قينقاع، ومنهم من ذهب إلى الشام، فكان من أشرافهم الذين ذهبوا إلى خيبر ابن أبى الحقيق، وحيى بن أخطب، فكانوا لهم سادة، ودانوا لهم بالطاعة.

وقد نزل في بنى النضير، وما كان من النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وما أمر الله تعالى نزل أكثر سورة الحشر، قال الله تعالى: سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ، لِأَوَّلِ الْحَشْرِ، ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ، فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ، يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي

<<  <  ج: ص:  >  >>