للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال صلى الله تعالى عليه وسلم: هاته. فصببت في كفى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فما ملأهما ثم أمر بثوب فبسط له، ثم دعا بالتمر عليه، فتبدد فوق الثوب، ثم قال لإنسان عنده اصرخ في أهل الخندق أن هلمّ إلى الغداء فاجتمع أهل الخندق، فجعلوا يأكلون منه، وجعل يزيد، حتى صدر أهل الخندق عنه، وإنه ليسقط من أطراف الثوب.

الثانية: وهى تشبه هذه. وإن كان قد اختلف موضوعها، ذكر ابن إسحاق عن جابر بن عبد الله أنه قال: عملنا مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في الخندق، وكانت عندى شويهة ليست جد سمينة، فقلت: لو صنعناها لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فأمرت امرأتى فطحنت لنا شيئا من الشعير، صنعت لنا منه خبزا، وذبحت تلك الشاة، فشويناها لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم. فلما أمسينا وأراد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الانصراف من الخندق، قلت: يا رسول الله إنى قد صنعت لك شويهة كانت عندنا، فأحب أن تنصرف معى إلى منزلي، وإنما أريد أن ينصرف معى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وحده، فلما قلت له ذلك قال نعم، ثم أمر فصرخ صارخ أن انصرفوا مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلى بيت جابر بن عبد الله. قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون.

أقبل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأقبل الناس معه، فجلس وأخرجناها إليه فبرك وسمي، ثم أكل، وتواردها الناس، وكلما فرغ قوم قاموا وجاء ناس، حتى صدر أهل الخندق عنها، أى أن الشاة غير السمينة كفتهم جميعا.

ولا شك أن هذين الخبرين بهاتين المسألتين يدلان على خارق للعادة جرى على يدى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وكم للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم في ذلك من خوارق، منه ما ذكرنا، فى لقائه عليه الصلاة والسلام، وغذائه في بيت أم معبد وهو في طريقه إلى الهجرة.

وإن الخبر يدل فوق ذلك على الجهد الشديد الذى أصاب الصحابة ومعهم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم من قلة الطعام.

ويدل على أمر سام، وهو فضل التعاون، وهو أنه كان لا ينفرد أحدهم بطعام عن الباقين بإرادة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وهديه وحكمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>