للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفوق ذلك ما كان من إطماع النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لغطفان وعدتهم ستة آلاف في صلح يأخذون فيه ثلث ثمار المدينة، وإن ذلك يثير طمعهم، ويفت في عضدهم، وإن كان أمر الصلح لم يبت فيه، ولكن بابه مفتوح لم يغلق.

ثم فوق هذا وذاك فقد الثقة بينهم وبين قريظة الذى لم يجعل ثمة فائدة في التحالف معهم، وإن كانوا قد عملوا في إيجاد الذعر بين المؤمنين، وربما كان منهم من حاول الهجوم على دور النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وآل بيته الكرام، وقد رأينا عيونهم تنبث في المدينة.

هذا جيش المشركين ومن معهم، أما جيش أهل الإيمان، فقد خلصته الشدة من المنافقين فيه وضعفاء الإيمان من الذين زلزلوا، وكان خالصا صافيا، وليس فيه إلا من قال الله فيهم: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ، وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (الأحزاب- ٢٣) .

[اجتياز الخندق]

٤٦٨- فوجيء المتجمعون من المشركين بالخندق، إذ لم يكونوا يعرفونه فلم يكونوا أهل حروب جماعية، فعرفوا تدبيرها ومكايدها كما أشرنا من قبل، ورأوه سدا يحول بينهم وبين أن ينقضوا جمعا متكاتفا على المدينة، فيقتلعوا الإسلام منها اقتلاعا، وبذلك طاش أوّل هدف لهم.

ولكن بعضهم وجدوا ثغرة منه فقد استطاع بعض فرسانهم أن يقتحمها ومنهم عكرمة بن أبى جهل، وبعض بنى مخزوم، وعمرو بن عبد ود العامرى العربى المرهوب الذى حضر بدرا وأثخن بالجراح، ولم يحضر يوم أحد لجراحه، وقد خرج يوم الخندق معلما ليرى مكانه، ويعلم أنه جاء لشفاء غيظه.

وقد خرج مناديا للمبارزة، وأراد على أن يخرج له فرده النبى صلى الله تعالى عليه وسلم مرتين حتى عير المسلمين، فعندئذ خرج على إليه ولم يمنعه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم.

فلما التقيا قال له على داعيا إلى الهدى: يا عمرو، إنك قد كنت عاهدت الله ألا يدعوك رجل من قريش إلى إحدى خلتين إلا أخذت منه خيرهما.

قال عمرو: أجل.

قال على: فإنى أدعوك إلى الله ورسوله وإلى الإسلام. قال: لا حاجة لى بذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>