للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلُوبِهِمْ، فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ، وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً. وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها، وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً. وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها، فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ، وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ، وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً. وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها، وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً. وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ، ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً. سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ، وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا. وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ، وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ، مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ، وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً (الفتح- ١٨، ٢٤) .

وهكذا رضى الله تعالى عن أهل بيعة الرضوان، ووهبهم سبحانه وتعالى من بعد ذلك مغانم كثيرة، وبين سبحانه وتعالى أن أوّل هذه الغنائم أن كف أيديهم عنكم، فكانت هذه غنيمة عاجلة، وكان هذا فتحا مبينا، كما سنذكر ذلك إن شاء الله تعالى.

[عقد صلح على هدنة]

٥٠٩- اقتنعت قريش بأن محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم، ما جاء لقتال، وقد عادت القضب إلى أجفانها بعد أن عاد عثمان رضى الله عنه، واطمأنت القلوب، وعادت رغبة السلام وعزمته إلى محمد صلى الله تعالى عليه وسلم، وهو يريد خطة تمنع القتال، وتحفظ الحرمات.

بعثت قريش سهيل بن عمرو من بنى عامر بن لؤى، وقالوا: له ائت محمدا نصالحه ولا يكن فى صلحه، إلا أن يرجع عنا عامه هذا، فو الله لا تحدث العرب عنا أنه دخلها علينا عنوة أبدا.

ولا شك أن هذا شرط، - كما يقول علماء القانون- تعسفى وتحكمي، ولكن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم الرؤف الرحيم، كما وصفه رب العزة، لم يمانع في قبول ذلك، وإن ضج أصحابه بالرفض، وهم لا يعلمون ما يعلم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وما توجبه الرسالة، وتحتمه الدعوة إلى الإسلام، فما كانت دعوة الإسلام رهبا، بل كانت رغبا، وما كانت بالسيف بل كانت بالموعظة الحسنة.

اجتمع سهيل مع النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وتم الاتفاق المبدئى على ما اشتمل عليه من التزامات، خلاصتها:

أولا: لا يزور المسلمون البيت حاجين هذا العام.

<<  <  ج: ص:  >  >>