للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد الله ورسوله إلى كسرى عظيم الفرس.

«سلام على من اتبع الهدى، وشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأدعوك بدعاء الله تعالى، فإنى أنا رسول الله إلى الناس كافة، لأنذر من كان حيا، ويحق القول على الكافرين، وإن تسلم تسلم، وإلا فإن عليك إثم المجوس.

فلما قرأه مزقه فدعا عليه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بأن يمزق ملكه.

ولم يكتف بأن مزق الكتاب، بل أراد قتل النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فأرسل إلى بازام، وهو نائبه على اليمنى، أن ابعث إلى هذا الرجل بالحجاز رجلين من عندك جلدين فليأتيانى به، وحسب أن الإتيان بمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم مكبلا بالحديد، أمر سهل، ونسى أن العرب فى واقعة (ذى قار) قد أذاقوه من الحرب بؤسا، ومحمد صلى الله تعالى عليه وسلم فى جنده لا يقل عن قوة العرب فى ذى قار، ولكنه غرور السطوة الذى يدلى بصاحبه حتى يجعله عبرة للمعتبرين.

استجاب نائبه إلى طلبه غير المعقول فى غايته، فبعث بازام قهرمانه، وكان كاتبا حاسبا، وبعث معه رجلا من الفرس يقال له حرحورة، وكتب معهما إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يأمره أن ينصرف معهما إلى كسرى.

ويظهر أن نائبه باليمن لم يكن يريد إيذاء، ولكن يريد أن يتعرف خبر النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فكتب الكتاب إطاعة لكسرى، وأراد أن يتصرف لنفسه، فأراد التعرف، وهكذا يغتر الطغاة، فيحسبون أن الناس قلوبهم طوع أيديهم، مع أن قلوبهم لإلههم ولا لأنفسهم.

قال نائب كسرى لمن أرسله بالكتاب إيت بلاد هذا الرجل وكلمه ائتنى بخبره، وهذا يدل على أنه لن يجيب كسرى، فغاية كسرى ليست غايته، وأنه هو يريد أن يعرف الإسلام.

خرج الرجلان إلى الطائف حتى قدما عليه: فسألا عنه فقيل هو بالمدينة المنوره، واستبشر أهل الطائف بها، وقال بعضهم لبعض أبشروا، فقد نصب له كسرى ملك الملوك.. كفيتم الرجل.

خرج الرجلان حتى قدما على المدينة المنورة، فقالا: شاهنشاه ملك الملوك كسرى قد كتب إلى الملك بازام (نائبه باليمن) يأمره بأن يبعث إليك من يأتيه بك، وقد بعثنا إليك لتنطلق، فإن فعلت كتب (نائب اليمن) إلى ملك الملوك يمنعك ويكفه عنك، وإن أبيت فهو من قد علمت فهو مهلكك ومهلك قومك، ومخرب بلادك. وظنا أن ذلك يرهب الرسول، إذ مثله يرهبهما، ولكن الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم لم يلتفت إلى كلامهما، لأن الله يعصمه، بل اتجه إليهما، وقد حلقا لحاهما،

<<  <  ج: ص:  >  >>