للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قريش تتحسس الأخبار]

٥٩٣- مضى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حتى نزل مر الظهران فى عشرة آلاف من المسلمين، وفى رواية فى اثنى عشر ألفا، وقد عميت الأخبار عن قريش، ولكنهم يظنون لنقضهم العهد الذى كان بينهم وبين الرسول صلوات الله وسلامه عليه لم يحسوا بأمر، ولكن هم يتوقعون أمرا، فخرج فى تلك الليالى أبو سفيان بن حرب، وحكيم بن حزام، وبديل بن ورقاء الخزاعي، يتحسسون الأخبار، وينظرون هل يجدون خبرا.

ويلاحظ من ذلك أن الثلاثة يختلف اثنان فيهم عن الثالث، لأن بديلا هو الذى ذهب إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم يستنصر بالنبى صلى الله تعالى عليه وسلم لخزاعة، إذ عاونت قريش بنى بكر فى قتالهم لخزاعة، حتى جاوزوهم إلى البيت الحرام فما امتنعوا، فلعل الجميع كانوا يتحسسون، ولكن اختلفت الغاية عندهم.

وفى الوقت الذى كانت قريش تتحسس فيه أخبار النبى صلى الله تعالى عليه وسلم كان العباس ابن عبد المطلب الودود المسالم يريد أن يرسل إلى قريش من يعرفهم مكان النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ليجيئوا إليه مستأمنين لكيلا يكون قتال بل يكون أمن وسلام، ويقول رضى الله عنه من جراء محبته لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: والله لئن دخل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مكة المكرمة عنوة قبل أن يأتوه، فيستأمنوه، إنه لهلاك قريش إلى آخر الدهر.

ركب بغلة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم البيضاء وأخذ يتلمس الحطابين، أو ذوى الحاجات الذين يسيرون فى الصحراء ليجد من يخبر أهل مكة المكرمة.

وبينا هو فى سيره متحسسا سمع صوت أبى سفيان، ولنترك له رضى الله عنه، يحكى كيف كان لقاؤه مع صديقه المشرك أبى سفيان، وهو المؤمن فهو يقول:

وإنى لأسير عليها (بغلة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) ، إذ سمعت كلام أبى سفيان، وبديل بن ورقاء وهما يتراجعان، وأبو سفيان يقول: ما رأيت كالليلة نيرانا قط، ولا عسكرا. قال بديل:

هذه والله خزاعة حمستها (أى ألهبتها) . قال أبو سفيان: خزاعة أذل من ذلك وأقل أن تكون هذه نيرانها وعسكرها، فعرفت صوته فقلت يا أبا حنظلة فعرف صوتى فقال أبو الفضل، قلت نعم، قال مالك فداك أبى وأمى؟ قلت ويحك يا أبا سفيان، هذا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فى الناس، واصباح قريش والله، قال: فما الحيلة، فداك أبى وأمى، قلت: والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك. فاركب فى

<<  <  ج: ص:  >  >>