للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إسلام أبى قحافة:]

٥٩٧- وقف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بذى طوي، ولم يكن أبو بكر قد التقى بأبيه أبى قحافة منذ هاجر إلا أن يكون قد زاره فى عمرة القضاء.

وكان قد أصيب فى عينيه، فكف بصره، فكان يرى الرؤية الكاملة بابنته أصغر أولاده، فلما وقف عند ذى طوي، وقف أبو قحافة على جبل أبى قبيس، فقال: أى بنية ماذا ترين؟ قالت أرى سوادا مجتمعا قال: تلك الخيل، قالت وأرى رجلا يسعى بين ذلك السواد مقبلا مدبرا، قال أى بنية من ذلك الوازع (الذى يأمر الخيل ويتقدم إليها) ثم قالت قد والله انتشر السواد، فقال قد والله إذن دفعت الخيل، فأسرعى بى إلى بيتي، فانحطت به، وتلقاه الخيل قبل أن يصل إلى بيته، وفى عنق الجارية طوق من ورق (فضة) فيلقاها رجل فيقتطعه من عنقها.

فلما دخل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مكة المكرمة ودخل المسجد أتى أبو بكر بأبيه (أبى قحافة) يقوده، فلما رآه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال: «هلا تركت الشيخ فى بيته، حتى أكون أنا آتيه» ، قال: يا رسول الله هو أحق أن يمشى إليك من أن تمشى أنت إليه.

أجلس النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أبا الصديق، ثم مسح على صدره، ثم قال: أسلم، فأسلم، ثم قام أبو بكر، فأخذ بيد أخته الصغيرة يسألها عن طوقها، ولما علم أنه خطف منها، أنشد المسلمين بالله والإسلام طوق أخته.

فقال الصديق معزيا أخته الصغيرة فى قرطها، إن الأمانة اليوم قليل، فاحتسبى طوقك. هذا هو الرفق، إن الطوق الفضى أحب إليها فى سنها، فواساها الصديق فيه رفقا ومحبة، ولقد هنأ النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أبا بكر صاحبه فى الغار بإسلام أبيه.

[قتال فى جوانب من مكة المكرمة:]

٥٩٨- نهى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم عن القتال، ولكنه لم ينه عن الدفاع، وقد ذكر أن أهل مكة المكرمة قد رضوا بالمسالمة والسلام، واطمأنوا إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم إلا الذين بقوا على جاهليتهم ولم يذوقوا حب الإيمان أو أن فيهم الحقد الدفين، والرغبة فى الثأر، لا يريدون سلاما، ولكن يريدون حربا وخصاما، ولم يؤخذوا بالقوة، بل جحدوا بها، كما جحدوا هم وآباؤهم بالحق إذ جاءهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>