للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالصور فمحيت كلها، ثم أغلق الباب على نفسه، وعلى أسامة وبلال فاستقبل الجدار الذى يقابل الباب، حتى إذا كان بينه وبينه قدر ثلاثة أذرع، وقف وصلى.

ثم دار فى البيت وكبر فى نواحيه، وفتح الباب.

وقد خرج من باب الكعبة الشريفة، وكانت قريش قد ملأت المسجد ينتظرونه، فخرج إليهم من محراب الله وكأنه مقبل عليهم من عند رب البيت، الذى جعله حرما آمنا، والناس يتخطفون من حولهم.

وقد دهشوا، يتعرفون ماذا يصنع.

فأخذ بعضادتى الباب وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، ألا كل مأثرة أو مال أو دم فهى تحت قدمى هاتين إلا سدانة البيت. وسقاية الحاج.

قال: وقتل العمد. وشبه السوط والعصا، فيه الدية مغلظة، فإنه من الإبل أربعون منها فى بطونها أولادها.

يا معشر قريش إن الله تعالى أذهب عنكم نخوة الجاهلية. وتعظمها بالآباء.. الناس من آدم وآدم من تراب، ثم تلا الآية يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (الحجرات- ١٣)

[العفو الكريم الشامل:]

٦٠٠- خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (الأعراف- ١٩٩) بهذا الأمر الربانى أخذ نبى الرحمة وأعظم عفو رآه الوجود الإنسانى هو عفو النبى صلى الله تعالى عليه وسلم عن أهل مكة المكرمة، لقد اضطهدوه منذ البعثة وهو فى الأربعين واستمر أذاهم غير مقطوع، حتى ذرف فى الستين، لا ينون عن إيذائه، ثم قتاله، ثم الدس الخبيث له ولرجاله فلما غلب وتغلب بعد أكثر من عشرين سنة، لم يقل ويل للمغلوب، كما يقول ساسة هذا الزمان بل قال: مرحبا بالأخوة، وعفوا عما مضي، وإن تنتهوا يغفر لكم ما قد سلف.

قال صلى الله تعالى عليه وسلم لقريش وهم صفوف ينتظرون كلمته فيهم فقال لهم: يا معشر قريش ما تظنون أنى فاعل بكم.

قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم.

قال فإنى أقول لكم كما قال يوسف لإخوته لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم، اذهبوا فأنتم الطلقاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>