للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى بلادكم ويظهر أن هذه المرأة كانت تختفى وخالد لم يكن يراها، فلما رفع سيفه واعتقدت أنها لا محالة ظاهرة، ظهرت فقتلها.

وكانت بنخلة، وكانت قريش، وبنو كنانة، وكانت أعظم أصنامهم، وكان سدنتها من بنى شيبان.

ثم بعث عمرو بن العاص، إلى سواع، وهو صنم لهذيل ليهدمه، فانتهى إليه، وعنده السادن، قال: ما تريد؟.

قال: أمرنى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن أهدمه.

قال لا تقدر على ذلك، قال ولم؟ قال: تمنع. قال عمرو: حتى الآن أنت على الباطل ويحك فهل يسمع أو يبصر، فدنا منه فكسره، وأمر عمرو أصحابه أن يهدموه ثم قال عمرو للسادن:

كيف رأيت؟ قال: أسلمت لله تعالى.

وهذا يثبت أن إيمانهم بهذه الأصنام مبنى على وهم توهموه فيها، فلما انكشف لهم كفروا بها.

وبعث سعد بن زيد الأشهلي، إلى مناة عند القديد، وكانت صنما للأوس والخزرج وغسان وغيرهم ممن يجاورون الشام أو فى طريقه.

فخرج سعد فى عشرين فارسا، حتى انتهى إليها وعندها سادن.

فقال السادن ماذا تريد؟ قال سعد هدم مناة، فقال أنت وذاك، وكأنه يتحداه، فأقبل سعد يمشى إليها، فخرجت إليه امرأة عارية سوداء وثائرة الرأس تدعو بالويل وتضرب صدرها فضربها سعد، فقتلها، وأقبل إلى الصنم فهدمه وكسره، ولم يجدوا فى خزائنه شيئا.

هذه عزمة قوية من محمد صلى الله تعالى عليه وسلم، أزال بها ما كانوا يعبدونه من أحجار لا تضر ولا تنفع، وفعل ما فعله جده إبراهيم الخليل عليه السلام، فجعلهم جذاذا، ولم يبق كبيرا لهم، لأنه لا كبير يبقى أمام معول محمد صلى الله تعالى عليه وسلم، وقد جعلها جذاذا بعد أن فقدت الأوهام التى كانت تحيط بالنفس العربية حولها.

وبذلك انتهت دولة الأوثان فى البلاد العربية، ولقد رآها الذين كانوا يعبدونها، لا تدفع محطمها، ولا تمنعه، إذ هى لا تملك لنفسها نفعا، ولا ضرا وقد يئس الشيطان من بعدها أن يعبد فى بلاد العرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>