للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أمرها بأن تحتجب عنه، ولو كان أخاها حقيقة، ومن كل الوجوه ما احتجبت، ولكن لأن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم يحتاط للتحريم لما رأى من شبه بينه وبين عتبة مما يوميء إلى أنه ابنه، فاحتاط فى التحريم، وحكم بحكم الله فى النسب، والله تعالى أعلم.

[قطع اليد]

٦١٢- روى البخارى بسنده عن عروة بن الزبير أن امرأة سرقت فى عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فى غزوة الفتح، فأهم قريشا أن تقطع يد امرأة منهم فى سرقة، وكانت مخزومية اسمها فاطمة، ففزع قومها إلى أسامة بن زيد، وكان حب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، يستشفعونه، فغضب النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وقال لأسامة أتشفع فى حد من حدود الله، فقال أسامة أستغفر الله يا رسول الله، فلما كان العشى قام رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال:

أما بعد، ما بال أقوام يشفعون فى حد من حدود الله، فإنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والذى نفسى بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها.

وهكذا كانت الأحكام الإسلامية تطبق على القوى والضعيف، ومن له نسب، ومن ليس نسبه يحميه، وأن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أشار إلى معنى اجتماعى فى قيام الأمم وقوتها، فبين عليه الصلاة والسلام أن العدالة والمساواة أمام القانون هى التى تبنى الأمم، ولا ملك يقوم من غير عدالة، بل إنه إن بدا قويا، فإن الظلم الذى يكون فيه يهدم أركانه ويقوض بنيانه فلا قوة لأمة بظلم، ولا علو لجماعة بغير العدل.

ولقد أمر النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بقطع يدها، ليعلموا أن قريشا العزيزة المتفاخرة بأنسابها هى والجميع على السواء، وذلك ضرب فى جنب العصبية الجاهلية، ولقد حسن إسلامها بعد قطع يدها، وعلمت أن يدها طهرتها، وسبقتها إلى الجنة، كما قال النبى صلى الله تعالى عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>