للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبذلك يكون تعيين الزمن بأن القدوم سنة خمس، إنما كان وفد خزاعة الذى بايع عن إسلام قومه، ولم يكونوا قد أسلموا، ثم جاء بعد ذلك أربعمائة، فرأى أن يمكثوا دعاة للإسلام فى بلادهم وذلك بعد أن تكاثر المسلمون عندهم، وذلك بعد الحديبية أو بعد الفتح، وإن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم زود هؤلاء بالطعام من التمر إذ لم يكن معهم زاد.

[وفد بنى تميم]

٦٥٧- وذكرنا من أخبار بنى تميم عندما هموا بالاعتداء على خزاعة، فأرسل إليهم عيينة بن حصن فى خمسين رجلا، فأسر منهم أسرى، وسبى سبايا، فجاؤا لذلك، وقالوا من وراء الحجرات فى جفوة: اخرج إلينا يا محمد، فقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ. وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ (الحجرات- ٤: ٥) . وقد رد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أسراهم، وقد تكلموا بعد ذلك مفاخرين بأنفسهم، ورد الأنصار مفاخرتهم.

والآن نقول ما رواه البيهقى بسنده. قال: قدم على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الزبرقان ابن بدر، وقيس بن عاصم، وعمرو بن الأهثم التميميون، فوقف الزبرقان بن بدر وقال:

أنا سيد بنى تميم والمطاع فيهم، والمجاب، وأمنعهم من الظلم، وآخذ لهم بحقوقهم، وهذا يعلم ذلك، وأشار إلى عمرو بن الأهتم.

قال عمرو بن الأهتم: إنه لشديد المعارضة مانع لجاره مطاع فى أدنيه. فقال الزبرقان ابن بدر: والله يا رسول الله لقد علم منى غير ما قال، وما منعه أن يتكلم إلا الحسد، فقال عمرو بن الأهتم، أنا أحسدك فو الله إنه للئيم الخال حديث المال أحمق الوالد مضيع فى العشيرة. والله يا رسول الله لقد صدقت فيما قلت أولا، وما كذبت فيما قلت آخرا، ولكنى إذا رضيت قلت أحسن ما علمت، وإذا غضبت قلت أقبح ما وجدت، ولقد صدقت فى الأولى، والآخرى جميعا.

فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: «إن من البيان لسحرا، وإن من الشعر لحكمة» ، ولعل هذه المجاوبة كانت فى قدومهم لفك أسراهم، فهو قدوم وليس بوفد.

وقد روى البخارى فى فضل بنى تميم قول أبى هريرة: «لا أزال أحب بنى تميم بعد ثلاث سمعتها من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقولها فيهم: هم أشد أمتى على الدجال، وكانت فيهم سبية عند عائشة، فقال أعتقيها، فإنها من ولد إسماعيل، وجاءت صدقاتهم فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: هذه صدقات قومى» .

<<  <  ج: ص:  >  >>