للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال قائلهم المتحدث عنهم: «يا رسول الله إن بيننا وبينك هذا الحى من كفار مضر، وإنا لا نصل إلا فى شهر حرام، فمرنا بأمر نأخذ به، ونأمر به من وراءنا، وندخل الجنة»

فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع: آمركم بالإيمان بالله وحده أتدرون ما الإيمان بالله، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تعطوا الخمس من المغنم، وأنهاكم عن أربع، عن الربا والحنتم والنقير والمزفت، وهى أسماء أنواع من الخمور تختلف أسماؤها باختلاف آنيتها «١» .

ولقد كان فى وفد عبد القيس الجارود بن بشر بن المعلى، وكان نصرانيا، فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كلمه ودعاه إلى الإسلام وعرضه عليه ورغبه فيه. فقال: يا محمد، إنى قد كنت على دينى، وإنى تارك دينى لدينك، أفتضمن لى دينى، فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: أنا ضامن أن هداك الله إلى ما هو خير منه. فأسلم وأسلم من معه من أصحابه.

عاد الجارود إلى قومه، وكان حسنا شديدا فى دينه حتى مات.

ولما قامت الردة بعد الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم كان من قومه من ارتد، فوقف فيهم يقول بشهادة الحق، ودعا قومه أن يتوبوا ويعودوا إلى الإسلام، وهو يقول: أيها الناس، إنى أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأكفر من لم يشهد هذه الشهادة.

وهكذا كانت الوفود تجيء إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، فلا تخرج من بين يديه إلا وقد خالطت بشاشة الإسلام قلوبهم، فيعودوا إلى أقوامهم، ليعلموهم ما تعلموا.

وإن ذلك تطبيق واستجابة لقوله تعالي: فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ، لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (التوبة: ١٢٢) .

[وفد بنى حنيفة]

٦٦٢- كان الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم يستقبل الوفود، ويدعوهم إلى الإسلام، سواء منهم من اهتدى، ومن ضل وغوى، والناس قسمان قسم يطلب الحق ويبتغيه، ويجانب الشر، ولا يريد إلا الحق، ولم تدنس نفسه بدرن الهوى والباطل، ولم تركس فى مهاوى الهوى، وما يسول به الشيطان فى الأنفس، وقسم سيطرت عليه الأهواء فلا يتجه إلى الحق يبتغيه، ولكن يتجه إلى ما تهوى الأنفس، وما تضل به الأفهام، وتسيطر الأوهام.


(١) بل هى أسماء آنية (المراجع) .

<<  <  ج: ص:  >  >>