للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أخذ صرد بن عبد الله يجاهد من حوله من المشركين، وكان بجوارهم مدينة مغلقة يقال لها جرش، وبها قبائل من اليمن، وقد انضمت إليهم خثعم، فتضافروا معهم عندما علموا أن جيش المسلمين يسير إليهم بقيادة صرد بن عبد الله.

حاصرهم فى مدينتهم جرش نحوا من شهر، وهم فيها ممتنعون، فترك الحصار، وأوى إلى جبل يقال له شكر، واعتصم به رجاء أن ينتهز فرصة، فيأتيهم من حيث لا يشعرون، ويفرقهم عن بلدهم.

ظنوا أن صرد بن عبد الله ومن معه ولى عنهم منهزما أو يائسا من أن يقتحم بلدهم، فزين لهم أن يخرجوا فى طلبه، فكان خروجهم تمكينا له من ضربهم، فإنهم إذ أدركوه عطف عليهم، ولم يكن لهم معتصم يعتصمون به فقتلهم قتلا شديدا، وكانت الهزيمة الشديدة قد نزلت، وعلم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بذلك النصر الذى كان من عند الله تعالى العزيز الحكيم، ولم يكن بسرية من المدينة المنورة، ولكن بمن أسلم من العرب.

وفى الوقت الذى علم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فيه بهزيمة المشركين كان عنده وفد من جرش جاءه عشية أن علم، وكان مسلما.

سأل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وفد جرش وكان مكونا من اثنين: بأى بلاد الله تعالى شكر، فقالا: يا رسول الله ببلادنا جبل يقال له كشر، ولذلك تسميه أهل جرش، فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: إنه ليس بكشر، ولكنه شكر.

قالا له: فما شأنه يا رسول الله.

فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم «إن بدن الله لتنحر عنده الآن» . لم يفهم الرجلان مؤدى كلام النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، فجلسا إلى الشيخين الجليلين فى الصحابة، أبى بكر وعثمان، رضى الله تبارك وتعالى عنهما، فسألا ماذا يريد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فقال لهما صاحبا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: ويحكما، إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ينعى إليكما قومكما، فاقدما إليه، فاسألاه أن يدعو الله أن يرفع عن قومكما.

فذهب الرجلان إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم سألاه الدعاء لقومهما، فقال: اللهم ارفع عنهم.

خرج الرجلان إلى قومهما، فوجدا قومهما قد أصيبوا فى اليوم الذى قال لهما النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ذلك، بل فى الساعة التى ذكر فيها ما ذكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>