للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ضمام: إنى سائلك ومغلظ عليك المساءلة، فلا تجدن فى نفسك.

فقال النبى الرفيق: لا أجد فى نفسى، فسل عما بدا لك.

فقال ضمام: أنشدك بالله إلهك، وإله أهلك، وإله من كان قبلك، وإله من هو كائن بعدك، آلله بعثك إلينا رسولا؟ قال: اللهم نعم.

قال ضمام: فأنشدك بالله إلهك وإله أهلك وإله من كان قبلك، وإله من هو كائن بعدك، آلله أمرك أن نعبده لا نشرك به شيئا، وأن نخلع هذه الأنداد التى كان آباؤنا يعبدونها. فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: اللهم نعم.

ثم جعل يذكر فرائض الإسلام فريضة فريضة، فذكر فريضة الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، فى كلها ينشده عند كل فريضة، بالصيغة التى ذكرها.

حتى إذا فرغ منها، قال: «فإنى أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وسأؤدى هذه الفرائض، وأجتنب ما نهيتنى عنه، لا أزيد ولا أنقص» .

ثم انصرف عائدا إلى بعيره.

وقد أثنى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم خيرا.

عاد إلى قومه مؤمنا داعيا شاهدا بالحق، وفاجأهم بأن أعلن كفره بالأصنام. وقال: بئست اللات والعزى.

فخشى عليه قومه من أن يصاب بسوء لزعمهم فى الأصنام. فقالوا: مشفقين. مه يا ضمام اتق البرص والجذام، إذ يزعمون أن من سبها يصاب بذلك، وثبت ذلك الزعم فى أوهامهم.

فقال لهم: «إنهما ما يضران ولا ينفعان، إن الله تعالى قد بعث رسولا وأنزل عليه كتابا استنقذكم به مما كنتم فيه، وإنى أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وإنى قد جئتكم من عنده، بما أمركم به، وما نهاكم عنه.

استجاب قومه لداعى الإيمان، ويقول ابن إسحاق: ما أمسى فى اليوم فى حاضره رجل ولا امرأة إلا مسلما، فما سمعنا بوافد قوم أفضل من ضمام بن ثعلبة.

والقصة رويت بهذا السياق فى الصحيحين.

فهى ثابتة، وهى تدل على مدى انتشار الإسلام فى ربوع البلاد العربية ومدى الاستعداد لدعوة التوحيد، ولدين الفطرة، فما كانت الوثنية مع معرفتهم بالله إلا غشاوة أزالتها الحقيقة النيرة الناصعة، فكانوا مسلمين موحدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>