للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونظيره: أن شخصا كان يكثرها، فسئل فذكر: أنه خرج حاجّا ومعه أبوه، فبينا هو نائم في بعض المنازل، وإذا قائل يقول له: قم فقد أمات الله أباك، وسوّد وجهه، فاستيقظ فرآه كذلك، فدخله منه رعب شديد، ثم نام، فرأى أربعة سودان محدقين بأبيه ومعهم أعمدة من حديد، فأقبل رجل حسن الوجه فنحّاهم عنه، ورفع الثوب عن وجهه ومسحه بيده، ثم أتاني فقال:

«قم قد بيّض الله تعالى وجه أبيك» ، فقلت: من أنت بأبي أنت وأمي؟ قال:

«محمد» صلى الله عليه وسلم، فكشفت الثوب عن وجه أبي؛ فإذا هو أبيض «١» فدفنته، ثم ما تركت بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم «٢» .

ونظير ذلك أيضا: ما حكاه سفيان الثوريّ رضي الله تعالى عنه: أنه رأى حاجّا يكثرها، فقال له: هذا موضع الثناء على الله تعالى؟! فأخبره أن أخاه لمّا حضرته الوفاة.. اسودّ وجهه فأحزنه ذلك، فبينا هو كذلك؛ إذ دخل عليه رجل وجهه كالسراج المضيء، فمسح بيده وجهه، فزال سواده، وصار كالقمر، ففرح وسأله عن اسمه، فقال: أنا ملك موكّل بمن يصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم، أفعل به هكذا، وقد كان أخوك يكثر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وكان قد حصل له محنة، فعوقب بسواد الوجه، ثم أدركه الله عز وجل ببركة صلاته على النبي صلى الله عليه وسلم، فأزال عنه ذلك السواد، وكساه هذا.

وأخرج أبو نعيم وغيره عن سفيان قصة أخرى فيها: أنه حج فرأى شابّا لا يرفع قدما ولا يضع أخرى.. إلّا وهو يصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: أبعلم تقول هذا؟ قال: نعم، ثم ذكر له: أنه حجّ بوالدته، فسألته أن يدخلها البيت ففعل، فوقعت وتورّم بطنها، واسودّ وجهها، فحزن ثم رفع يديه وقال: يا ربّ؛ هكذا تفعل بمن دخل بيتك؛


(١) في النسخ: (أبي) ، والتصويب من هامش (أ) .
(٢) أخرجها ابن بشكوال في «القربة» (٩٦) .

<<  <   >  >>