للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

انفرد من الكذّابين والمتّهمين بالكذب، ومن فحش غلطه، وهذا الشرط متفق عليه، كما قاله شيخ الإسلام العلائي وأقرّوه.

واشترط ابن عبد السلام وابن دقيق العيد: أن يكون مندرجا تحت أصل عام، فيخرج ما يخترع بحيث لا يكون له أصل أصلا، وألا يعتقد عند العمل به ثبوته؛ لئلا ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقله.

أما الموضوع.. فلا يجوز العمل به بحال، وكذا روايته إلا إن قرن ببيانه.

وفي حديث مسلم أن: «من روى حديثا وهو يظنّه كذبا.. فهو أحد الكاذبين» «١» روي بالتثنية والجمع؛ أي: لأنه إذا حدّث به مع ظنّه كذبه..

صار مشاركا لكاذبه الحقيقي في الإثم الشديد المبيّن بقوله صلى الله عليه وسلم: «من كذب عليّ متعمّدا.. فليتبوأ مقعده من النار» «٢» .

ومن ثم قال مسلم في مقدمة «صحيحه» : (اعلم أن الواجب على كل أحد عرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها، وثقات الناقلين لها من المتّهمين.. ألّا يروي إلا ما عرف صحة مخارجه، والستارة في ناقليه، وأن ينفي عنها ما كان عن أهل التّهم، والمعاندين من أهل البدع) «٣» .

وقيّد ابن الصلاح جواز رواية الحديث باحتمال صدقه في الباطن «٤» ؛ وعليه: فالظاهر كما قاله شيخ الإسلام ابن حجر: (الظاهر من كلام مسلم، ومما دل عليه الحديث: أن احتمال الصدق إذا كان احتمالا ضعيفا.. لا يعتدّ به) .

ثم حكم أئمة النقل بالصحة وغيرها إنما هو بحسب الظاهر، دون القطع، فقد يكون المحكوم بصحته غير صحيح في نفس الأمر، وعكسه.


(١) أخرجه مسلم في مقدمته (١/ ٩) ، وابن حبان (٢٩) والترمذي (٢٦٦٢) ، وابن ماجه (٣٩) ، وأحمد (٤/ ٢٥٥) .
(٢) أخرجه البخاري (١٢٩١) ، ومسلم (٣) وغيرهما.
(٣) مقدمة مسلم (١/ ٨) .
(٤) مقدمة ابن الصلاح (ص ٢٧٩) .

<<  <   >  >>