للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اليهودية في الشمال: خيبر والقرى المحيطة بها، وقيام رسولهم صلى الله عليه وسلم بمكاتبة ملوك وأمراء العالم، بمن فيهم الأمبراطور البيزنطي وأتباعه الغساسنة وحكام مصر والحبشة.

[[٤]]

والحق أن المعسكر البيزنطي- النصراني هو الذي حظي بالقسط الأعظم من حركة الرسول العالمية المعروفة في التاريخ باسم (مكاتبة الملوك والأمراء) ، ربما لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أدرك أن الوشائج التي تربط الإسلام بهذه الجبهة، باعتبارها تنتمي إلى دين سماوي تنص مصادره الدينية على نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم، ستقودهم إلى تفهم دعوته التي انطلق بها سفراؤه إلى ملوك وحكام هذا المعسكر، فضلا عن قربه الجغرافي من شبه الجزيرة، إلا أن ردود الفعل النصرانية لم تكن سواء، وتدرجات بين الانتماء إلى الدعوة الجديدة أو الموقف الودي منها، وبين الرفض الغاضب الوقح!!

ولم يحدد مؤرخونا القدامى تواريخ هذه السفارات، فيجعلونها حينا في أواخر السنة السادسة، ويجعلونها حينا آخر السنة السابعة أو ما بعدها، إلا أن هذا الالتباس يزول فيما ذكره ابن إسحاق من أن الرسول صلى الله عليه وسلم فرق رجالا من أصحابه إلى ملوك العرب والعجم دعاة إلى الله عزّ وجلّ فيما بين الحديبية ووفاته «١» . وقد خرج الرسول صلى الله عليه وسلم على أصحابه ذات غداة فقال لهم: (إني بعثت رحمة وكافة، فأدوا عني يرحمكم الله، ولا تختلفوا علي كاختلاف الحواريين على عيسى ابن مريم) قالوا: يا رسول الله وكيف كان اختلافهم؟

قال: (دعا إلى مثل ما دعوتكم إليه، فأما من قرب به فأحب وسلم، وأما من بعد به فكره وأبى..) «٢» .

في أعقاب صلح الحديبية بعث الرسول صلى الله عليه وسلم أربعة من رجاله إلى العالم النصراني: دحية بن خليفة الكلبي إلى الأمبراطور البيزنطي هرقل، حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس حاكم مصر، عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي حاكم


(١) الطبري: تاريخ ٢/ ٦٤٤- ٦٤٥.
(٢) المصدر السابق ٢/ ٦٤٥، ابن هشام ص ٣٧٥- ٣٧٦.

<<  <   >  >>