للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


السؤال عن أمر رابع وهو تقديم الحلق قبل الرمي. فحاصل ما في حديث عبد الله بن عمرو السؤال عن أربعة أشياء، وورد الأوّلان في حديث ابن عباس أيضاً عند البخاري، وللدار قطني من حديثه أيضاً السؤال عن الحلق قبل الرمي، وفي حديث جابر وأبي سعيد عند الطحاوي مثله، وفي حديث علي عند أحمد السؤال عن الإضافة قبل الحلق، وفي حديثه عند ابن الطحاوي السؤال عن الرمي والإفاضة معاً قبل الحلق، وفي حديث جابر عند ابن حبان السؤال عن الإفاضة قبل الذبح، وفي حديث أسامة السؤال عن السعي قبل الطواف. فهذه عدة صور (انظر فتح الباري ٣/٥٧٣) سُئل عنها النبي صلى الله عليه وسلم وأجاب بأنه لا حرج. ولا خلاف في أن الترتيب بتقديم الرمي ثم الذبح ثم الحلق ثم طواف الإفاضة ثم السعي مطلوب، واختُلف في وجوبه، فذهب الشافعي وأحمد في رواية والجمهور إلى استنانه (اعلم أن المسنون يوم النحر أربعة أمور: الرمي ثم الذبح ثم الحلق ثم الإفاضة، وهذا الترتيب هو المسنون عند كافة العلماء، وقد وردت الروايات بهذا الترتيب من فعله صلى الله عليه وسلم والترتيب بين هذه الأربعة سنة عند الشافعي وأحمد وصاحبي أبي حنفية، فمن قدّم شيئاً من هذه أو أخّر فلا دم عليه عندهم لكون الترتيب غير واجب، واستدلوا بما ورد في الروايات من قوله عليه الصلاة والسلام: افعل ولا حرج، وأما عند الإمامين الهُمامين أبي حنفية ومالك رحمهما الله تعالى فالترتيب في بعضها واجب وفي بعضها سنة، فمن خالف الترتيب الواجب فعليه دم، ومن خالف الترتيب المسنون فقد أساء ولا دم عليه، فالترتيب عند مالك بين الرمي والأمور الثلاثة فقط، فلو قدم شيئاً من الأمور الثلاثة على الرمي فعليه دم، وأما في الأمور الثلاثة الباقية فسنة، وأما عند الإمام أبي حنفية فالترتيب بين الطواف والذبح سنة للمفرد فقط. وأما في غيرهما فالترتيب واجب، سواء كان مفرداً أو غيره، فمن خالف الترتيب الواجب فعليه دم. انظر حجة الواداع ص ١٤٦، وأوجز المسالك ٨/ ١٤٩) .
وأنه لو أخلّ في شيء من ذلك لا يلزم دم استدلالاً بقوله صلى الله عليه وسلم: لا حرج، وأوجبه مالك في تقديم الإفاضة على الرمي، وذهب ًأبو حنفية إلى وجوبه في الكل ولزوم الدم بتركه، وحمل قوله: لا حرج على نفي الإثم، والكلام طويل مبسوط في شروح صحيح البخاري وشروح الهداية.

<<  <  ج: ص:  >  >>