للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ بِمِائَةِ نَاقَةٍ حَتَّى أُدخلت عَلَيْهِمُ الدَّارَ (١) . قَالَ سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ: لَقَدْ رَكَضَتْنِي (٢) مِنْهَا ناقةٌ حَمْرَاءُ.

قَالَ مُحَمَّدٌ: إِنَّمَا قَالَ لَهُمْ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أتَحْلِفُون وَتَسْتَحِقُّونَ دمَ صَاحِبِكُمْ، يَعْنِي (٣) بِالدِّيَةِ لَيْسَ بالقَوَد، وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ: أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ الدِّيَةَ دُونَ الْقَوَدِ قَوْلُهُ (٤) فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ إِمَّا أَنْ تَدُوا (٥) صاحبَكم، وَإِمَّا أَنْ تؤذَنوا بِحَرْبٍ. فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى آخِرِ الْحَدِيثِ (٦) ، وَهُوَ قَوْلُهُ: تَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دمَ صَاحِبِكُمْ، لأنَّ الدَّمَ (٧) قَدْ يُستَحَقُّ بالدِّية كَمَا يُستَحَقُّ بالقَوَد، لأنَّ (٨) النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ (٩) لَهُمْ (١٠) : تَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ مَنِ ادَّعَيْتُم (١١) فَيَكُونَ هَذَا عَلَى الْقَوَدِ، وَإِنَّمَا قَالَ لَهُمْ (١٢) : تَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ (١٣) فَإِنَّمَا عَنَى بِهِ (١٤) تَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ بِالدِّيَةِ، لأَنَّ (١٥) أَوَّلَ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ (١٦) وَهُوَ قَوْلُهُ: إِمَّا أن تَدُوا صاحبكم، وإما


(٧) قوله: لأن الدم، أي كما يُطلق استحقاق الدم في القصاص كذلك يُطلق على استحقاق الدية. فقوله: تستحقون دم صاحبكم لا ينافي هذا المعنى، وإنه وإنْ كان يشمل المعنى الآخر أيضاً لكن صدر الحديث دلَّ على تعيين المراد.
(٨) قوله: لأن، الظاهر أنه دليل آخر، لكون المراد باستحقاق دم صاحبكم استحقاق الدية فلو كان بحرف الفصل لكان أولى.
(٩) أي حتى يكون ظاهراً في القَوَد.
(١٠) أي للأنصار.
(١١) أي عليه أي المدَّعى عليه.
(١٢) أي الأنصار.
(١٣) أي المقتول.
(١٤) أي أراد به.
(١٥) قوله: لأن أول الحديث، هذا عود إلى الدليل الأول ولو لم يستعين به ههنا لكان أحسن.
(١٦) قوله: على ذلك، أي على وجوب الدية، وبهذا يظهر أن قوله صلى الله عليه وسلم في بعض طرق حديث القسامة يبرّئكم اليهود بأَيْمانها، ليس المراد منه البراءة مطلقاً، كما اختاره الشافعي ومالك وأحمد والليث وأبو ثور حيث قالوا: لا تجب الدية إذا حلف المدّعى عليهم بل البراءة من القصاص، وقد ثبت عن عمر فيما أخرجه

<<  <  ج: ص:  >  >>