للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليكم و (١) الطوّافات (٢) .

قَالَ مُحَمَّدٌ: لا بَأْسَ (٣) بِأَنْ يتوضَّأَ بِفَضْلِ سُؤْر الهرة، وغيرُهُ


يكون شبَّهها بمن يطوف للحاجة والمسألة، يريد أن الأجر في مؤاساتها كالأجر في مؤاساة من يطوف للحاجة، كذا في "مرقاة الصعود".
(١) قوله: والطوافات، ورد في بعض الروايات أو الطوافات بكلمة "أو". قال ابن ملك: هو للشك من الراوي، وقال ابن حجر: ليست للشك لوروده بالواو في روايات أُخَر، بل هي للتنويع، كذا في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح".
(٢) قوله: الطوافات، الطوافون هم بنو آدم يدخل بعضهم على بعض بالتكرار، والطوافات هي المواشي التي يكثر وجودها عند الناس مثل الغنم والبقر والإِبل، جعل النبي صلّى الله عليه وسلّم الهرة من القبيلتين لكثرة طوافها واختلاطها (في الأصل: "طوافه واختلاطه"، وهو تحريف) ، كذا ذكره العيني في "البناية"، وفي الحديث من الفوائد:
جواز استخدام زوجة ابنه.
وإصغاء الإِناء للهرة وغيرها من الحيوانات، فإن في كل ذات كبد رطبة أجراً كما ورد به الخبر.
وجواز إطلاق ما يُطلق على المحارم على امرأة الإِبن.
ويُستنبط من قوله صلّى الله عليه وسلّم: "فإنها من الطوّافين"، عدم نجاسة سؤر جميع سواكن البيوت لوجود هذه العلة فيها.
(٣) قوله: لا بأس، لأن سؤر الهرة ليس بنجس فلا بأس بشربه والوضوء منه، وهو مذهب عباس وعلي وابن عباس وابن عمر وعائشة وأبي قتادة والحسن والحسين، واختُلف فيه عن أبي هريرة، فَرَوى عطاء عنه: أن الهر كالكلب يُغسل منه الإِناء سبعاً، وروى أبو صالح عنه: أن السِّنَّوْر من أهل البيت، كذا ذكره ابن عبد البر، وقال: لا نعلم أحداً من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم روى عنه في الهرّ أنه لا يتوضأ بسؤره إلاَّ أبا هريرة على اختلاف عنه. انتهى.
قلت: قد علمت ما لم يعلمه، فقد أخرج الطحاوي في "شرح معاني الآثار"، عن يزيد بن سنان، نا أبو بكر الحنفي، نا عبد الله بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر، أنه كان لا يتوضأ بفضل الكلب والهر، وما سوى ذلك فليس به بأس. وأخرج أيضاً عن ابن أبي داود، نا الربيع بن يحيى، نا شعبة، عن واقد بن محمد، عن نافع، عن ابن عمر، أنه قال: لا توضؤوا من سؤر الحمار ولا الكلب ولا السّنَّور. وأما التابعون ومن بعدهم فاختلفوا فيه أيضاً بعد اتفاقهم على أن سؤر الهرة ليس بنجس إلاَّ ما يُستفاد مما حكاه صاحب "رحمة الأمة في اختلاف الأئمة"، عن الأَوْزاعي والثوري، أن سؤر ما لا يؤكل لحمه نجس غير الآدمي، فإنه يقتضي أن يكون سؤر الهرة نجساً عندهما. والأحاديث الواردة في ذلك تردّهما، ومن عداهما بعدما اتفقوا على الطهارة، منهم: من كره سؤر الهرة، وهو قول أبي حنيفة ومحمد، وبه قال طاووس وابن سيرين وابن أبي ليلى ويحيى الأنصاري، حكاه عنهم العيني، وبه أخذ الطحاوي (شرح معاني الآثار: ١/١٢) حيث روى عن إبراهيم بن مرزوق، نا وهب بن جرير، نا هشام بن أبي عبد الله، عن قتادة، عن سعيد، قال: إذا ولغ السِّنَّوْر في الإِناء، فاغسله مرتين أو ثلاثاً. ثم روى عن محمد بن خزيمة، نا حجاج، نا حماد، عن قتادة، عن الحسن وسعيد بن المسيب في السِّنَّوْر يلغ في الإِناء، قال أحدهما: يغسله مرة، وقال الآخر: يغسله مرتين. ثم روى عن سليمان بن سعيد، نا الخصيب بن ناصح (في الأصل: "الحصب بن نافع"، وهو تحريف. وفي "تهذيب التهذيب" ٣/١٤٣: الخصيب بن ناصح الحارثي البصري ت ٢٠٨) ، نا هشام، عن قتادة، قال: كان سعيد بن المسيب والحسن يقولان: اغسل الإِناء ثلاثاً ثلاثاً، يعني من سؤر الهرة. ثم روى عن روح العطار، نا سعيد بن كثير بن عفير، حدَّثني يحيى أنه سأل يحيى بن سعيد عمّا لا يُتوضأ

<<  <  ج: ص:  >  >>