للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ مُحَمَّدٌ: لا تَعْجَلَنَّ (١) بركوعٍ وَلا افتتاحٍ حَتَّى تَصِلَ (٢) إِلَى الصَّفِّ وتقومَ فِيهِ، وَهُوَ قولُ أبي حنيفة رحمه الله.


(٢) قوله: ما كان يعمد إلى الصلاة، يدل على أن الماشي إلى الصلاة كالمنتظر لها وهما من الفضل سواء بالمصلّي إن شاء الله تعالى على ظاهر الآثار، وهذا يسير في فضل الله ورحمته لعباده، كما أنه من غلبه نوم عن صلاةٍ كانت عادة له، كُتب له أجر صلاة، وكان نومه عليه صدقة، كذا قال ابن عبد البر.
(٣) بكسر الميم، أي: يقصد.
(١) أيها المصلّي.
(٢) قوله: حتى تصل إلى الصف وتقوم فيه، استُنبط من النهي عن الإِتيان ساعياً وكون عامِدِ الصلاة في الصلاة من حيث الثواب، وذلك لأن العَجَلة في الاشتراك قبل الوصول إلى الصف يفوِّت كثرة الخطا، وامتداد زمان العمد إلى الصلاة مع لزوم قيامه خلف صف مع غير إتمامه، وقد ورد فيه نص صريح هو ما أخرجه البخاري وغيره، عن أبي بكرة أنه دخل المسجد ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم راكع، فركع دون الصف، ثم دبَّ حتى انتهى إلى الصف، فلمّا سَلَّم قال: "إني سمعت نَفَساً عالياً فأيُّكم الذي ركع دون الصف ثم مشى إلى الصف، فقال أبو بكرة: أنا يا رسول الله، خشيت أن تفوتني الركعة فركعت دون الصف ثم لحقت بالصف، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: "زادك الله حرصاً ولا تعد". قال الزيلعي في "تخريج أحاديث الهداية": إرشاد إلى المستقبل بما هو أفضل منه، ولو لم يكن مجزئاً لأمره بالإِعادة، والنهي إنما وقع عن السرعة والعجلة إلى الصلاة، كأنه أَحَبَّ له أن يدخل الصف ولو فاتته الركعة، ولا يعمل بالركوع دون الصف، يدل عليه ما رواه البخاري في كتابه المفرد في "القراءة خلف الإِمام": ولا تعد، صلِّ ما أدركتَ واقضِ ما سبقتَ. فهذه الزيادة دلَّتْ على ذلك، ويقوّيها حديث: وعليكم السكينة فما أدركتم فصلّوا وما فاتكم فاقضوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>