للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُمَرَ البريدَ (١) فَلا يَقْصُرُ الصَّلاةَ.

قَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا خَرَجَ الْمُسَافِرُ أَتَمَّ الصَّلاةَ (٢) إِلا أَنْ يريد مسيرةَ


(١) قوله البريد: هو كلمة فارسيَّة يُراد بها في الأصل البَغل، وأصلها بُرِيدَة دُم، أي: محذوف الذنب لأن بغال البريد كانت محذوفة الأذناب كالعلامة لها، فأعربت وخُفِّفت، ثم سمِّي الرسول الذي يركب البريد بريداً والمسافة التي بين السكنين بريداً، والسكنة موضع كان يسكنه الفيوج المرتَّبون من بيت أو قُبَّة أو رباط، وكان يرتب في كل سكنة بغال، وبُعد ما بين السكنين فرسخان، وقيل أربعة، ومنه الحديث: "لا تُقتصر الصلاة في أقل من أربعة بُرُد"، وهي ستة عشر فرسخاً، والفرسخ ثلاثة أميال، والميل أربعة آلاف ذراع كذا في "نهاية ابن الأثير".
(٢) قوله: أتم الصلاة إلاّ أن يريد ... إلخ، اختلفوا فيه: فقالت طائفة من أهل الظاهر يقصر في كل سفر ولو في ثلاثة أميال لظاهر قوله تعالى: {وإذا ضربتم في الأرض} ، وروى مسلم وأبو داود عن أنس: كان رسول الله إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ قصر الصلاة. وهو أصح ما ورد في ذلك وأصرحه. وروى سعيد بن منصور، عن أبي سعيد: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر فرسخاً يقصر فيه الصلاة. وحمله أكثر العلماء على أن المراد به المسافة التي يبتدأ منها القصر لا مسافة السفر، وذهب مالك إلى أن أقل مدة السفر التي يقصر فيها أربعة برود، وبه قال الشافعي وأحمد وجماعة، وهي ستة عشر فرسخاً أي: ثمانية وأربعون ميلاً، والمستند لهم حديث: "يا أهل مكة لا تقصروا في أقل من أربعة برود". أخرجه الدارقطني والبيهقي والطبراني. وسنده متكلم فيه، لكنه مؤيد بفعل ابن عمر وابن عباس، كما أخرجه مالك والبيهقي وغيرهما أنهما كانا يقصران في أربعة برود. وذهب أصحابنا إلى التقدير بثلاثة أيام أخذاً من حديث الصحيحين: "لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي رحم محرم"، ومن حديث يمسح المقيم يوماً وليلةً والمسافر ثلاثة أيام ولياليها"، وأخرج محمد في كتاب "الآثار"، عن سعد بن عبيد الله

<<  <  ج: ص:  >  >>