للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويضطجع (١) عليها. قال بشر: يعني (٢) القبور.


(١) قوله: ويضطجع عليها، ورد في صحيح مسلم وغيره عن أبي مَرثد الغَنَوي مرفوعاً: لا تجلسوا على القبور ولا تصلّوا إليها، وعن أبي هريرة مرفوعاً: لأن يَقعد أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر. وأخرج أحمد عن عمرو بن حزم مرفوعاً: لا تقعدوا على القبور. وبهذه الأخبار وأمثالها أخذ الشافعي والجمهور فقالوا بحرمة الجلوس على القبر أو كراهته، ذكره النووي وغيره، وذكر الطحاوي - بعد ما أخرج الروايات السابقة - عن أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد أن النهي عن الجلوس محمول على الجلوس للتغوُّط ونحوه وأما لغير ذلك فلا، وأيّده بما ساقه بإسناده إلى زيد بن ثابت أنه قال: إنما نهى النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم عن الجلوس على القبور لحَدَثٍ غائط أو بول. ثم أخرج عن أبي هريرة مرفوعاً: من جلس على قبر يبول عليه أو يتغوَّط فكأنما جلس على جمرة نار، ثم أخرج عن عليّ أنه اضطجع على القبر، وعن ابن عمر أنه كان يجلس على القبور. وهذا التأويل الذي ذكره من حمل أخبار النهي على الجلوس لحَدَثٍ قد ذكره مالك أيضاً ظنّاً، وتعقَّبوه بأنه تأويل ضعيف أو باطل لا دلالة عليه في الحديث، وأُجيب بأن ما ذكره قد ثبت عن زيد بن ثابت، والصحابةُ أعلم بموارد النصوص، والذي يظهر بالنظر الغائر أنّ أكثر أخبار النهي مطلقة، لا دلالة فيه على فرد، وما نقل عن زيد يخالفه ما أخرجه أحمد من حديث عمرو بن حزم: رآني النبي صلّى الله عليه وسلّم وأنا متَّكئ على قبر فقال: لا تؤذِ صاحب القبر، وسنده صحيح، فإنَّه صريح في أن العلة للنهي هو تأذِّي الميت، غاية ما في الباب أن يكون الجلوس لحدثٍ أشد وأغلظ، والجلوس لغيره والتوسّد ونحوه أخف (الأَوْلى أن يُحمل من هذه الأحاديث ما فيه التغليظ على الجلوس للحدث فإنه يحرم وما لا تغليظ فيه على الجلوس المطلق فإنه مكروه، وهذا التفصيل حسن، قاله أبو الطيب، كذا في الكوكب الدرّي ٢/١٩٦) ، وأما فعل عليّ وابن عمر فيُحمل على بيان الجواز.
(٢) أي يريد بضمير عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>