للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُخبر (١) .

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ مِنْ غَيْرِ احْتِلامٍ (٢) فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، ثُمَّ اغْتَسَلَ بَعْدَ مَا طَلَعَ الفجر فلا بأس


أعلم بمثل هذا من غيرهما، ولأنه موافق للقرآن، فإن الله تعالى أباح الأكل والمباشرة إلى طلوع الفجر، ومعلوم أنه إذا جاز الجماع إلى طلوع الفجر لزم منه أن يصبح جُنُباً، ويصح صومه، وإذا دلَّ القرآن وفعل الرسول صلّى الله عليه وسلّم على جواز الصوم لمن أصبح جنباً وجب الجواب عن حديث أبي هريرة، عن الفضل، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وجوابه من ثلاثة أوجه، أحدها: أنه إرشاد إلى الأفضل، فالأفضل أن يغتسل قبل الفجر، ولو خالف جاز، وهذا مذهب أصحابنا وجوابهم عن الحديث، فإن قيل: كيف يقولون: الاغتسال قبل الفجر أفضل وقد ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم خلافه؟ فالجواب أنه فعله لبيان الجواز، ويكون في حقه حينئذٍ أفضل لأنه يتضمَّن البيان للناس، وهذا كما أنه يتوضأ مرَّة مرَّة، في بعض الأوقات بياناً للجواز، ومعلوم أن الثلاث أفضل. والجواب الثاني: أنه لعله محمول على من أدركه الفجر مجامعاً فاستدام بعد طلوع الفجر عالماً فإنه يفطر. والثالث: جواب ابن المنذر في ما رواه البيهقي عنه أن حديث أبي هريرة منسوخ، وأنه كان في أول الأمر حينما كان الجماع محرَّماً في الليل بعد النوم كما كان الطعام والشراب محرّماً، ثم نُسخ ولم يعلمه أبو هريرة، فكان يُفتي بما علمه حتى بلغه الناسخ، فرجع إليه، قال ابن المنذر: هذا أحسن ما سمعت فيه، كذا في "شرح صحيح مسلم" (٣/١٦٥، من طبعة دار الشعب) للنووي.
(١) للنسائي: أخبرنيه أسامة بن زيد، وله أيضاً: أخبرنيه فلان وفلان، فيحتمل أنه سمعه من الفضل وأسامة فأرسل الحديث أولاً ثم أسنده لمّا سُئل عنه.
(٢) قوله: من غير احتلام، إنما ذكره لأن الدليل الذي سيذكره إنما يدل عليه، لا لأن حكمه مخالف لما نحن فيه، بل حكم الاحتلام والجماع سواء، ويدل

<<  <  ج: ص:  >  >>