للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


وعن أبي حنيفة يُشترط في الاشتراك أن يكونوا كلُّهم متقرِّبين بالهَدْي. وعن داود وبعض المالكية: يجوز هذا في هدي التطوُّع دون الواجب. وعن مالك لا يجوز مطلقاً. واحتج له إسماعيل القاضي بأن حديث جابر إنما كان في الحديبية حيث كانوا مُحْصَرين، وبأن أبا جمرة خالفه ثقاتُ أصحاب ابن عباس، فقد رَوَوْا عنه أن ما استيسر من الهدي شاة، وساق ذلك بأسانيد صحيحة عنهم. وقد روى ليث عن طاوس، عن ابن عباس مثل رواية أبي جمرة لكنْ ليثٌ ضعيف. ثم ساق بسنده إلى محمد بن سيرين عن ابن عباس قال: ما كنتُ أرى أن دماً واحداً لعلّه يُجزئ أو يكفي عن أكثر من واحد. وأجاب الحافظ بأن تأويله لحديث جابر بأنه كان في الحديبية لا يدفع الاحتجاجَ بالحديث أي لثبوت جواز أصل الاشتراك، قال: بل روى مسلم من طريق أخرى عن جابر في أثناء حديث: فأمرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين أمرهم أن يحلوا حجَّهم إذا أحللنا أن نُهدي، ويجتمع النفر منا في الهدية. وأقول: بل كيف يصح تأويله بأنه في الحديبية مع قول جابر: خرجنا مُهِلِّين بالحج، والحديبية إنما كان فيه الإِهلال بالعمرة، ثم قال الحافظ: وليس بين رواية أبي جمرة - قال: سألت ابن عباس عن المتعة، فأمرني بها، وسألته عن الهَدْي، فقال: فيها جَزُور أو بقرة أو شاة أو شرك في دم، رواه البخاري - وبين رواية غيره منافاة لأنه زاد عليهم ذكر الاشتراك، ووافقهم على ذكر الشاة أي وزيادة الثقة مقبولة. قال: وإنما أراد ابن عباس بالاقتصار على الشاة الردُّ على من زعم اختصاص الهدي بالإِبل والبقر. قال: وأما رواية محمد بن سيرين عن ابن عباس فمنقطعة، ومع ذلك لو كانت متصلة احتمل أن يكون ابن عباس أخبر أنه كان لا يرى ذلك من جهة الاجتهاد، ومتى صح عنده النقل بصحة الاشتراك أفتى به أبا جمرة، وبهذا تجتمع الأخبار، وهو أولى من الطعن في رواية من أجمع العلماء على توثيقه، وهو أبو جمرة.
وقد رُوي عن ابن عمر أنه كان لا يرى التشريك، ثم رجع عنه لمّا بلغتْه السُّنَّة، قال الحافظ: واتفق من قال بالاشتراك على أنه لا يكون في أكثر من سبعة

<<  <  ج: ص:  >  >>