للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَدِينَةِ نِكَاحَ الْمُحْرِمِ، وَأَجَازَ أَهْلُ مَكَّةَ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ نِكَاحَهُ. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوَّجَ مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ وَهُوَ مُحرم. فَلا نَعْلَمُ (١) أَحَدًا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أعلمَ بتزوُّج رسول الله صلى الله عليه وسلم


فعل ذلك فهو باطل، وهو قول عمر وابن عمر وعلي وأبان وغيرهم. وأجاز ذلك إبراهيم النَّخَعي والثوْري وعطاء بن أبي رباح والحكم بن عتيبة وحماد بن أبي سليمان وعكرمة ومسروق وأبو حنيفة وأصحابه. واحتج المانعون بحديث عثمان المذكور سابقاً، وقد رواه الجماعة إلا البخاريّ وابن حِبّان وغيرهما. واحتجّ المجوِّزون بحديث ابن عباس قال: تزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم، أخرجه الأئمة الستة وغيرهم، زاد البخاري في رواية: وبنى بها وهو حلال وماتت بسَرَف. وقال الترمذي: هو حديث حسن صحيح. وفي الباب عن عائشة أخرجه ابن حبان والبيهقي. قالت: إن النبيّ صلى الله عليه وسلم تزوج وهو محرم. وأخرجه الطحاوي أيضاً، وأخرج أيضاً عن أبي هريرة: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم. وكذا أخرجه الدارقطني. وأجاب المجوِّزون عن حديث المانعين بحمل "لا يَنْكح" على منع الوطء فإن النكاح يُستعمل فيه. وفيه سخافة ظاهرة فإن لا يخطُبُ ولا يُنكح بالضم آبيان عن هذا التأويل (قلت: قد ذهب أكثر المؤرخين إلى أنه نكحها بسَرِف ذاهباً إلى مكة وأنه صلى الله عليه وسلم أراد بمكة البناء بها ودعا أهل مكة إلى الوليمة فلم يقبلوها. أفترى أنه صلى الله عليه وسلم ورد مكة ولم يحرم بعد؟ فكيف يُتصوَّر ما قالوا من أنه تزوج وهو حلال؟ انظر الكوكب الدرى ٢/١٠٤) والكلام في هذا البحث طويل من الطرفين مبسوط في "تخريج أحاديث الهداية" للزيلعي وشرح "الهداية" وشرح "صحيح البخاري" للعيني.
(١) قوله: فلا نعلم، إشارة إلى ترجيح هذه الرواية بأن ابن عباس أعلم بكيفية تزوُّج ميمونة، وهو يخبر أنه كان في حالة الإحرام، فروايته مقدَّمة على رواية من روى أنها تزوجها حلالاً، كما أخرجه الطبراني في "معجمه" عن صفية بنت

<<  <  ج: ص:  >  >>