للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كانت المادية هى بدعة القرن الماضى، وكان الزعم السائد أنه لا وجود إلا للمادة، وأن ما وراء المادة عدم محض وأن المادة لا تفنى ولا تستحدث، وأن الدين بعد هذا كله أمسى لا مكان له!!

ثم مضت الحقائق العلمية تكشف عن وجهها فإذا مقررات الماضى تنسف من أصولها، يقول الدكتور أبو الوفا التفتازانى: " كان العلم يتصور الأمور تصوراً مادياً بحتاً إلى أن جاء العالم الشهير " ألبرت أينشتين " فغير ببحوثه الطبيعية النظر إلى المادة تغييراً حاسماً، وقد صور الفيلسوف الإنجليزى " راسل " ذلك قائلاً: درسنا العالم الطبيعى فوجدنا المادة عند العلم الحديث قد فقدت صلابتها وعفويتها، إذ حللها العلماء إلى مجموعات ذرية كل مجموعة منها تنحل إلى ذرات، وكل ذرة تعود بدورها فتنحل إلى كهارب موجبة وأخرى سالبة، ثم مضى العلماء فى التحليل، فإذا هذه الكهارب نفسها تتحول إلى إشعاعات!!

وختم " راسل " كلامه بهذه العبارة " ليس فى علم الطبيعة ما يبرهن على أن الخصائص الذاتية للعالم الطبيعى تختلف عن خصائص العالم العقلى ".

ونحن نقول: انتساب ذلك الكون الضخم إلى أصول من الأشعة شىء مثير حقاً!! ترى ما الذى كثف النور وجمد حركته ووزعه على ألوف الأشكال التى نراها؟

إنك لن تعدم سفيهاً يقول لك: تم ذلك من تلقاء نفسه!!

وهذا القائل مستعد أن يقول لك أيضاً: إن الصحف فى عواصم العالم تصدر عن دورها مليئة بالأخبار والتعليقات والصور منسقة الحروف والأرقام تلقائياً من غير ما إشراف ولا إعداد ولا تبويب ولا ترتيب!

لعمرى إن ذلك أدنى إلى التصور من خلق الموت والحياة فى هذا العالم الفخم تلقائياً كما يأفك الأفاكون!!

لكن أى عاقل يحترم نفسه ويقدر علمه يأبى هذا المنزلق.

يقول الدكتور التفتازانى: ولعل هذا ما جعل العلامة " أينشتين " يؤثر الإيمان بالله ويرفض الشبهات التى تختلق ضده، وقد دار حوار بينه وبين صحفى أمريكى يدعى " فيرك " فى هذا الموضوع قال فيه الرجل العالم بحسم: إننى لست ملحداً!!

<<  <   >  >>